للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوانب منها النظريات والمذاهب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ..

وفي كل حقل من هذه الحقول يجد الدارس الواعي لهذا القرآن وفرة من النصوص والتوجيهات يحار في كثرتها ووفرتها، فوق ما في هذه الوفرة من أصالة وصدق وعمق وإحاطة ونفاسة.

إننى لم أجد نفسي مرة واحدة- في مواجهة هذه الموضوعات الأساسية- في حاجة إلى نص واحد من خارج هذا القرآن. فيما عدا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو من آثار هذا القرآن- بل إن أي قول آخر ليبدو هزيلا- حتى لو كان صحيحا- إلى جانب ما يجده الباحث في هذا الكتاب العجيب.

إنها الممارسة الفعلية التي تنطق بهذه التقريرات؛ والصحبة الطويلة في ظل حاجات الرؤية والبحث والنظر في هذه الموضوعات .. وما بي أن أثني على هذا الكتاب .. ومن أنا ومن هؤلاء البشر جميعا ليضيفوا إلى كتاب الله شيئا بما يملكون من هذا الثناء.

لقد كان هذا الكتاب هو مصدر المعرفة والتربية والتوجيه والتكوين الوحيد لجيل من البشر فريد .. جيل لم يتكرر بعد في تاريخ البشرية- لا من قبل ولا من بعد- جيل الصحابة الكرام الذين أحدثوا في تاريخ البشرية ذلك الحدث الهائل العميق الممجد، الذي لم يدرس حق دراسته إلى الآن.

لقد كان هذا المصدر هو الذي أنشأ- بمشيئة الله وقدره- هذه المعجزة المجسمة في عالم البشر. وهي المعجزة التي لا تطاولها جميع المعجزات والخوارق التي صحبت الرسالات جميعا .. وهي معجزة واقعة مشهودة .. أن كان ذلك الجيل الفريد ظاهرة تاريخية فريدة.

ولقد كان المجتمع الذي تألف من ذلك الجيل أول مرة، والذي ظل امتداده أكثر من ألف عام، تحكمه الشريعة التي جاء بها هذا الكتاب، ويقوم على قاعدة من قيمه وموازينه وتوجيهاته وإيحاءاته كان هذا المجتمع معجزة أخرى في تاريخ البشرية. حين تقارن إليه صور المجتمعات البشرية، التي تفوقه في الامكانيات المادية- بحكم نمو التجربة البشرية في عالم المادة- ولكنها لا تطاوله في «الحضارة الإنسانية».

إن الناس اليوم،- في الجاهلية الحديثة- يطلبون حاجات نفوسهم ومجتمعاتهم وحياتهم خارج هذا القرآن كما كان الناس في الجاهلية العربية يطلبون خوارق غير هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>