للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرْحَمُونَ. قال الألوسي وهو من الحنفية: لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي لكي تفوزوا بالرحمة التي هي أقصى ثمراته، والآية دليل لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في أن المأموم لا يقرأ في سرية ولا جهرية؛ لأنها تقتضي وجوب الاستماع عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها؛ وقد قام الدليل في غيرها على جواز الاستماع وتركه فبقي فيها على حاله في الإنصات للجهر وكذا في الإخفاء لعلمنا بأنه يقرأ، ويؤيد ذلك أخبار جمة، فقد أخرج عبد بن حميد. وابن أبي حاتم. والبيهقي في سننه عن مجاهد قال: قرأ رجل من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فنزلت وإذا قرئ القرآن الخ.

وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن مسعود أنه صلى بأصحابه فسمع أناسا يقرءون خلفه فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا، أما آن لكم أن تعقلوا وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا كما أمركم الله تعالى.

وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت قال: لا قراءة خلف الإمام. وأخرج أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا» وهذا الحديث إذا صح وجب أن يخص عموم قوله تعالى:

فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة إلا بقراءة» على طريقة الخصم مطلقا فيخرج المقتدي، وعلى طريقتنا أيضا، لأن ذلك العموم قد خص منه البعض وهو المدرك في الركوع إجماعا فجاز التخصيص بعده بالمقتدي بالحديث المذكور، وكذا يحمل قوله عليه الصلاة والسلام للمسيئ صلاته: «فكبر ثم اقرأ ما معك من القرآن» على غير حالة الاقتداء جمعا بين الأدلة، بل قد يقال: إن القراءة ثابتة من المقتدي شرعا فإن قراءة الإمام قراءة له فلو قرأ لكان له قراءتان في صلاة واحدة وهو غير مشروع. بقي الكلام في تصحيح الخبر، وقد روي من طرق عديدة مرفوعا عن جابر رضي الله عنه، عنه عليه الصلاة والسلام وقد ضعف. واعترف المضعفون لرفعه كالدارقطني. والبيهقي. وابن عدي بأن الصحيح أنه مرسل لأن الحفاظ كالسفيانين.

وأبي الأحوص وشعبة. وإسرائيل. وشريك. وجرير. وأبي الزبير. وعبد بن حميد وخلق آخرين رووه عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوه، وقد أرسله مرة أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: وحينئذ لنا أن نقول المرسل حجة عند أكثر أهل العلم فيكفينا فيما يرجع إلى العمل على رأينا وعلى طريق الإلزام أيضا بإقامة الدليل على حجية المرسل أيضا، وعلى تقدير التنزل عن حجيته فقد رفعه الإمام بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>