للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ ... ينقل ابن كثير عن مغازي الأموي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمر بين القتلى يوم بدر فيقول:

نفلق هاما .. فيقول أبو بكر مكملا البيت:

من رجال أعزة علينا ... وهم كانوا أعق وأظلما

٢ - ذكر ابن كثير أن ما عوقب به المشركون يوم بدر هو من نوع عقوبات الله للمكذبين بل هو أشفى: كما أهلك قوم نوح بالطوفان، وعادا الأولى بالدبور، وثمود

بالصيحة، وقوم لوط بالخسف، والقلب، وحجارة السجيل، وقوم شعيب بيوم الظلة، فلما بعث الله تعالى موسى وأهلك عدوه فرعون وقومه بالغرق في اليم، ثم أنزل على موسى التوراة، وشرع فيها قتال الكفار، واستمر الحكم في بقية الشرائع بعده على ذلك كما قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ وقتل المؤمنين للكافرين أشد إهانة للكافرين وأشفى لصدور المؤمنين، كما قال تعالى للمؤمنين من هذه الأمة قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ولهذا كان قتل صناديد قريش بأيدي أعدائهم الذين ينظرون إليهم بأعين ازدرائهم أنكى لهم وأشفى لصدور حزب الإيمان. فقتل أبي جهل في معركة القتال وحومة الوغى أشد إهانة له من موته على فراشه بقارعة أو صاعقة أو نحو ذلك. كما مات أبو لهب لعنه الله بالعدسة (١) بحيث لم يقربه أحد من أقاربه وإنما غسلوه بالماء قذفا من بعيد ورجموه حتى دفنوه.

[كلمة في السياق]

رأينا أن محور هذه السورة آية القتال في البقرة والآيتين بعدها، وكما رأينا في كل سورة من قبل من أن لها سياقها الخاص، فهذه السورة كذلك. فها نحن رأينا مقدمة السورة ترفع همم المؤمنين إلى الكمال، ثم رأينا هذا المقطع يرفع همم المؤمنين إلى القتال من خلال تذكيرهم بما فعل لهم في غزوة بدر، ومن خلال إثارة البغضاء في قلوبهم لأعدائه، ومن خلال استجاشة حب الموت من أجل إحقاق الحق وغير ذلك. وهذه المعاني وغيرها مما مر معنا يخدم السياق العام للقرآن؛ إذ تفصل هذه السورة بمقدمتها


(١) العدسة: بثرة تشبه العدسة، تخرج في مواضع من الجسد، تقتل صاحبها غالبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>