للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجموعة الثالثة: تبين أن الله عزّ وجل يغفر للكافرين إن تابوا من كفرهم، وإن لم يتوبوا فسيصيبهم ما أصاب الكافرين من قبل، ثم أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا الكافرين حتى لا يفتن أحد عن دينه. ثم بين الله عزّ وجل أن الكافرين إن أعرضوا عن الاستجابة لأمر الله؛ فليعلم المؤمنون أن الله مولاهم، وهذا مظهر من مظاهر الفرقان الذي يعطيه الله تعالى المؤمنين في مقابل تقواهم، إنه بعد أن ذكر في المجموعتين السابقتين مبررات القتال، جاء في هذه المجموعة الأمر بالقتال، وإذ يستتبع القتال الغنيمة، فإن الله يأمر المؤمنين أن يعلموا حكم الله في الغنائم، وأن يطبقوه كجزء من التقوى، وعلامة على الإيمان، ثم يحدثنا الله عزّ وجل عن يوم الفرقان أي: يوم بدر، مما يدل على أن الفرقان الذي وعد الله عزّ وجل به عباده المتقين من مظاهره ما حصل يوم بدر، ومما ذكره الله عزّ وجل عن يوم بدر في هذا المقام ما فعله الله للمؤمنين من جمع بين المسلمين والكافرين، ومن تهيئته لأسباب المعركة لينصر المؤمنين، ويرفع كلمة الحق على الباطل؛ ليصير الأمر ظاهرا، والحجة والبراهين ساطعة، ولا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، فحينئذ يهلك من هلك، أي يستمر في الكفر من استمر فيه على بصيرة من أمره أنه مبطل لقيام الحجة عليه، ومجئ هذا المعنى بعد الأمر بالقتال تذكير للمسلمين بفعل الله يوم بدر ليقاتلوا في كل معاركهم وهم مطمئنون، ومجئ هذه المعاني كلها بعد آية الفرقان يشير إلى أن المقطع كله في توضيح قضية الفرقان، وقد جاءت كلمة الفرقان مرة ثانية في سياق المقطع، مما يدل على أن مظاهر الفرقان متعددة، فقد يكون إنجاء أو قد يكون نصرا، وقد يكون خذلانا للكافرين، وقد يكون إفسادا لكيدهم.

[المعنى الحرفي للمجموعة الأولى]

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي واذكر مكرهم بك وأنت في مكة لِيُثْبِتُوكَ أي ليحبسوك ويوثقوك أَوْ يَقْتُلُوكَ بسيوفهم قتلة تشترك بها جميع قبائلهم أَوْ يُخْرِجُوكَ أي أو ينفوك من مكة وَيَمْكُرُونَ أي ويخفون المكايد لك، أو ويخططون للقضاء عليك، أو ويتآمرون عليك وَيَمْكُرُ اللَّهُ أي يعاملهم مجازيا بمكرهم لهم فيخفي لهم ما أعد لهم حتى يأتيهم بغتة مستدرجين وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ أي مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيرا

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا أي القرآن قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا وهذا صلف منهم ووقاحة؛ لأنهم دعوا إلى أن يأتوا بسورة واحدة من مثل هذا القرآن فلم يأتوا به إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي ما هذا إلا خرافات السابقين

وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا أي

<<  <  ج: ص:  >  >>