للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: صحيح الإسناد. وأول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من تبوك وهم بالحج. ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك، وأنهم يطوفون بالبيت عراة، فكره مخالطتهم، وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج تلك السنة، ليقيم للناس مناسكهم، ويعلم المشركين أن لا يحجوا بعد عامهم هذا، وأن ينادي في الناس بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فلما قفل أتبعه بعلي ابن أبي طالب ليكون مبلغا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه عصبة له كما سيأتي بيانه).

من كلام النسفي وابن كثير نرى: أن براءة من السبع الطول، ولا تكون من السبع الطول إلا إذا كانت هي والأنفال بمنزلة سورة واحدة، لأن الأنفال وحدها ليست من الطول، ففيما بعدها من سوى سورة التوبة ما هو أطول منها، وإذن فالأنفال وبراءة بمنزلة سورة واحدة، يشهد لذلك إجماع الصحابة على حذف البسملة بينهما في الكتابة في المصحف الإمام.

وكلا السورتين تفصيل لما ذكرناه من آيات البقرة الثلاث اللواتي ذكرناهن كثيرا، وباستكمال فهم سورة براءة مع سورة الأنفال نكون قد فهمنا تفصيل ما له علاقة بآيات القتال الثلاث في سورة البقرة.

فمن أراد أن يحقق فرضية القتال علما وعملا فعليه أن يفهم سورتي الأنفال والتوبة، وعليه أن يلتزم بما فيهما، ويعمل بما فيهما، ويتحقق بما فيهما، ويسعى مع المسلمين لتنفيذ ما أمر الله به فيهما.

تتألف السورة من ثلاثة أقسام.

القسم الأول منها: ويمتد من الآية الأولى حتى نهاية الآية (٣٧).

القسم الثاني منها: ويمتد من الآية (٣٨) حتى نهاية الآية (١٢٢).

القسم الثالث: ويمتد حتى نهاية السورة أي نهاية الآية (١٢٩).

وسنعرض القسم الأول بمقاطعه كلها دفعة واحدة، وهو القسم الذي فيه الأمر بالبراءة من المشركين، وتحريم إعطاء الولاء للكافرين، والأمر بقتال المشركين جميعا، والأمر بقتال أهل الكتاب، إنه القسم الذي يذكر المقدمات الكبرى التي ترتكز عليها انطلاقة الجهاد، ولذلك فهو يأتي بين يدي القسم الذي يطالب بالنفير العام، الذي يأتي بين يدي الأمر بقتال الأقرب فالأقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>