للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستثنى من هذا الإطلاق، وأن له أجله إلى مدته المضروبة له، وذلك بشرط أن لا ينقض المعاهد عهده، ولم يظاهر على المسلمين أحدا، أي بشرط ألا يمالئ عليهم من سواهم، فهذا الذي يوفى له بذمته وعهده إلى مدته، وقد حرض الله تعالى في هذا المقام على الوفاء لهؤلاء بعهودهم.

ثم بين تعالى أنه إذا انقضت هذه الأشهر الأربعة التي أعطاها فرصة للمشركين فحيثما وجد المشركون، فعلينا أن نقتلهم، ثم أمرنا أن نقصدهم بالحصار في معاقلهم، وحصونهم، وأن نترصدهم في طرقهم ومسالكهم؛ حتى نضيق عليهم الواسع، ونضطرهم إلى القتل أو الإسلام، بإعلان التوبة، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، ثم بين تعالى: أنه لو أن أحدا من هؤلاء المشركين الذين أمرنا بقتلهم، وأحل لنا استباحة نفوسهم وأموالهم، طلب الأمان، فإن علينا أن نجيبه إلى طلبته حتى يسمع القرآن، ويعلم الإسلام؛ لتقوم عليه حجة الله، ثم بعد ذلك نبلغه مأمنه، وهو آمن مستمر الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنه، وإنما شرع الله أمان مثل هؤلاء ليعلموا دين الله،

وتنتشر دعوة الله في عباده.

ثم بين تعالى حكمته في البراءة من المشركين، ونظرته إياهم أربعة أشهر، ثم بعد ذلك القتل أين ما وجدوا، بأنه لا يصح أن يكون لهؤلاء أمان، فيتركوا فيما هم فيه وهم مشركون بالله، كافرون به وبرسوله، واستثنى الله عزّ وجل من هؤلاء المشركين الذين عاهدونا وعاقدونا عند المسجد الحرام، فهؤلاء مهما تمسكوا بما عاقدونا عليه وعاهدونا فإن علينا أن نفي لهم.

ثم بين الله حكمة أخرى من حكم فريضة قتل المشركين وقتالهم، بعد أن ذكر أنهم لا يستحقون الأمن والأمان؛ لشركهم وكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الحكمة هي أن هؤلاء المشركين لو أنهم ظهروا على المسلمين، وأديلوا عليهم، لم يبقوا ولم يذروا، ولا راقبوا فيهم قرابة ولا عهدا، بل منتهى ما يقدمونه الكلمة المنافقة، بينما قلوبهم ممتلئة حقدا، وأعمالهم شريرة.

ثم حث الله المسلمين على قتل المشركين بسبب أنهم اعتاضوا عن اتباع آيات الله بما التهوا به من أمور الدنيا الخسيسة، ومنعوا المؤمنين من اتباع الحق بإيذائهم لهم، أمر الله بقتل هؤلاء لإرهاب غيرهم، لقد اجتمع لهم من العمل السيئ ما يوجب قتلهم وقتالهم، فكيف نتردد في قتالهم؟؟ ثم أكد الله استحقاقهم للقتل والقتال بسبب أنهم لا يخافون

<<  <  ج: ص:  >  >>