للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «فإن دماءكم وأموالكم- وأحسبه قال- وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلغت؟

ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه».

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض .. » أي إن هذا الشهر الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ذو الحجة كما هو عند الله، ومن الآن فصاعدا فعلينا أن نحافظ على هذا التقويم من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقص، ولا نسئ ولا تبديل وأما قوله «ثلاثة متواليات، ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان». فإنما أضافه إلى مضر ليبين صحة قولهم في رجب إنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان لا كما تظن ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال وهو رمضان اليوم فبين صلى الله عليه وسلم أنه رجب مضر لا رجب ربيعة، وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاث سرد وواحد فرد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحرم قبل أشهر الحج شهرا وهو ذو القعدة لأنهم يقعدون عن القتال، وحرم ذا الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج، ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرم بعده شهرا آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين.

وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا.

وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام هل هو منسوخ أو محكم؟

على قولين: أحدهما وهو الأشهر أنه منسوخ، فالقتال في سبيل الله مفروض في كل الشهور وجائز في كل الشهور.

٦ - وأما قصة النسئ الذي عابه الله على أهله فهذه نقول تفسره: كانت العرب قبل الإسلام بمدة قد أحدثت تحليل المحرم فأخروه إلى صفر، فيحلون الشهر الحرام ويحرمون الشهر الحلال.

- وقال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس أنه قال في النسئ: أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم في كل عام، وكان يكنى أبا ثمامة فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يحاب (١) ولا يعاب وإن صفر العام الأول العام حلال، فيحله للناس، فيحرم


(١) يحاب: من الحوب وهو الإثم أي: لا ينسب إليه الإثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>