للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحديثهم وكلامهم يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم فيؤدي إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ هذا وصف للمنافقين بالظلم والنص فيه تهديد لهم

لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ بصد الناس وبرجوعهم يوم أحد وغير ذلك من فعلهم القبيح في الكيد للإسلام ورسوله وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ أي ودبروا لك الحيل والمكايد، ودوروا الآراء في إبطال الإسلام، ونفوذ أمر رسوله حَتَّى جاءَ الْحَقُّ أي النصر والتأييد وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ أي وغلب دينه وعلا شرعه وَهُمْ كارِهُونَ أي علا أمر الله على رغم منهم، وبهذه المجموعة من الآيات تحدد حال المعتذرين عن الجهاد، وتحدد وضعهم، وتحددت العوامل التي أقعدتهم، وتبين أن عدم وجودهم في الصف لمصلحة الصف، ولئن عوتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإذن لهم فذلك من أجل فضحهم، وإلا فقد كانت الحكمة ظاهرة في قعودهم.

[الفوائد]

١ - قال الألوسي في قوله تعالى: لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تنبيه على أنه ينبغي أن يستدل عليه الصلاة والسلام باستئذانهم على حالهم ولا يأذن لهم أي ليس من شأن المؤمنين وعادتهم أن يستأذنوك في أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فإن الخلص منهم يبادرون إليه من غير توقف على الإذن فضلا عن أن يستأذنوك في التخلف عنه، أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من خير معاش الناس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعا طار على متنه يبتغي القتل أو الموت مظانه).

وقال الألوسي في قوله تعالى: إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ أي في التخلف الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تخصيص الإيمان بهما في الموضعين للإيذان بأن الباعث على الجهاد والمانع عنه الإيمان بهما وعدم الإيمان فمن آمن بهما قاتل في سبيل دينه وتوحيده وهان عليه القتل فيه لما يرجوه في اليوم الآخر من النعيم المقيم ومن لم يؤمن بمعزل عن ذلك، على أن الإيمان بهما مستلزم للإيمان بسائر ما يجب الإيمان به وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ عطف على الصلة، وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق الريب وتقرره فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ وشكهم المستمر في قلوبهم يَتَرَدَّدُونَ أي يتحيرون» أقول:

دلت الآية الأولى على أن الجهاد- إذا تعين- لا يحتاج إلى استئذان وهذا موضوع مهم في عصرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>