للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعبادة، ويعودوهم عليها ليتحققوا بالتوكل ليستطيعوا تحمل أعباء مراحل الحياة وما فيها.

...........

وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا أي اتخذا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي مصلى فيه لتأمنوا من الخوف، وكان فرعون منعهم من الصلاة، وقال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي يقابل بعضها بعضا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أي أتموها وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ أي بالنصر والجنة.

[فائدة]

هذه الآية فيها الكثير من فقه الدعوة، فعلى القول الأول في تفسير القبلة نفهم أن البيوت تنوب مناب الأماكن العامة، إذا حيل بين الدعوة وهذه الأماكن، فمثلا في كثير من بلدان العالم الإسلامي- وخاصة في البلدان التي خضعت للأنظمة الشيوعية- نجد كلمة الحق محظورة في المسجد، ومضيقا عليها، حتى حلقات العلم ويحال دونها، وفي مثل هذا الظرف فالبيوت تقوم مقام المسجد، والدور العامة، ولكن لا ننسى أن المساجد هي حوانيت الإسلام ومعاقلة، فلا نتخلى عنها إلا كتخلينا عن معقل، وإلا فالأصل أن نحيي المسجد ورسالته. وإنما هي حالة الاضطرار كما هنا. قال النووي في الآية: كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم، ومن تفسير ابن جبير للقبلة نعرف أن لقرب بيوت أهل الحق من بعضهم مصلحة- بل مصالح- وفي تذييل الآية بالأمر بالصلاة والبشارة بالنصر ندرك دور الصلاة في المساعدة على التحمل، ودور التفاؤل وإشاعته في تجاوز أهل الحق المحنة وارتباط هذا بهذا، ومن ثم أمر الله المؤمنين بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ... (البقرة: ١٥٣) ومن ثم كان عليه الصلاة والسلام: «إذا حزبه أمر صلى» أخرجه أبو داود. والحاصل أن هذه الآية فيها الكثير من فقه الدعوة فقد رسمت لبني اسرائيل الطريق قال ابن كثير فيها: (يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفية خلاصهم منه).

أقول: وهي ترسم الطريق لكل حالة مشابهة، ومن كلام صاحب الظلال في هذه الآية، آية: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً، وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>