للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم نجد التخاليط، والتحريف، والتبديل، والنقص، والإسفاف، ونعلم فضل الله على هذه الأمة إذ جعل قرآنها محفوظا بحفظه، ونعلم أن القيمة التاريخية للروايات السابقة لا تساوي شيئا، ومن ثم نرى أن النقل عن هذه الكتب يعطيها اعتبارا لا تستحقه لخيانة أهلها فيها، وتقصيرهم في حفظها، ولولا أن رسولنا عليه الصلاة والسلام سمح لنا أن نحدث عن بني إسرائيل ما نقلنا، وبمناسبة الكلام عن قصة يوسف عليه السلام نقول: إن قصة يوسف في سفر التكوين تمتد من الإصحاح السابع والثلاثين، إلى نهاية الإصحاح الخمسين، تستوعب حوالي (٢٤) صفحة مكتوبة بحروف صغيرة، وكثافة سطور، ولكن شتان بين الموجود في القرآن والموجود هناك، إن في الأسلوب، أو العرض، أو البلاغة، أو الإحاطة والشمول، أو في ذكر التفاصيل التي تحتاجها العبرة، ونفي الحشو الذي لا يترتب عليه شئ، هذا مع الاختصار، وفوق كل هذا فهذه رواية الله لهذه القصة لم تشب ولم تخالط، وتلك رواية الخونة والكاذبين والمحرفين، وكثيرا ما نقل المفسرون المسلمون عن التوراة في تفسير سورة يوسف على ما فيها، ونحن سنسير على سننهم فننقل في الحدود التي فصلت معنى ذكره القرآن، ولا نلتفت إلى ما سوى ذلك، وحتى هذا الذي ننقله نحب أن نذكر في

شأنه أننا لا نذكره إلا لمجرد الاستئناس، ومن تذوق طعم الحق في هذا القرآن عرف نوع طعم ما سواه، وإذ جرنا الكلام إلى هذه النقطة ننقل ما ذكره ابن كثير عند قوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ في هذه السورة لمناسبته هذا المقام مع حذف الأسانيد وترك المكرر قال:

(ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة، المشتملة على مدح القرآن، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب، ما رواه الإمام أحمد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم قال: فغضب، وقال «أمتهوكون (١) فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني» وروى أيضا ... عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها


(١) التهوك: هو التحير.

<<  <  ج: ص:  >  >>