للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء مقطع بني إسرائيل ليعرض علينا نموذجا لأمة أنزل عليها هدى فانحرفت عنه، ويأتي الآن مقطع إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ليقص علينا قصة النموذج الكامل لإنسان أنزل عليه هدى فقام به قياما كاملا وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قال البيضاوي: فأداهن كملا وقام بهن حق القيام لقوله تعالى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (سورة النجم) لاحظ الآن الصلة بين قوله تعالى في أول آية في مقطع آدم عليه السلام: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.

وبين قوله تعالى في أول آية من مقطع إبراهيم عليه السلام: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً. فالذي جعل آدم خليفة، جعل إبراهيم إماما فهو النموذج الكامل على الخليفة الكامل.

٢ - وقبل مقطع آدم في سورة البقرة يأتي مقطع الدعوة إلى التوحيد يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ .... فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.

وفي مقطع إبراهيم نرى النموذج الأعلى على التوحيد متمثلا بإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ* وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ .... أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فمقطع إبراهيم يعمق سياقه المعاني التي وردت في مقطع الدعوة إلى العبادة والتوحيد.

٣ - ومن قبل المقطع الأول في هذا القسم جاءت مقدمة سورة البقرة وفيها: قوله تعالى وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وفي مقطع إبراهيم عليه الصلاة والسلام يأتي الأمر المفصل: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.

٤ - ومن قبل جاءت الفاتحة وكانت الفقرة الخاتمة فيها: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ* غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ. وقد رأينا في مقطع بني إسرائيل بعض صراط المغضوب عليهم والضالين، وفي مقطع إبراهيم نرى صراط الذين أنعم الله عليهم. ومع ذلك كله الحوار مع المغضوب عليهم والضالين وإقامة الحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>