للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا السفر الذي وجد لأنه عظيم هو غضب الرب الذي اشتعل علينا من أجل أن آباءنا لم يسمعوا لكلام هذا السفر ..... وقرأ في آذانهم كل كلام سفر الشريعة الذي وجد في بيت الرب .... ) فإذا كان سفر الشريعة قد عثر عليه في زمن الملك يوشيا الذي لم يكن بينه وبين سبي بابل إلا ملكان هما: يهوآحاز، ويهوياتيم فما بالك ببقية التوراة، وما بالك بما جرى لها بعد سبي بابل، فإذا عرفنا أن المعروف أن التوراة قد جمعت من الروايات الشفهية بعد غزو بابل، أدركنا ما طرأ عليها، وعرفنا نعمة الله الذي أنزل هذا القرآن، مستوعبا التوراة والإنجيل والزبور، وزائدا على الجميع، بمجموع ما فيه، ومن ثم نجد فيه مثل هذا الكمال. فهذا الفصل الذي رأيناه من قصة يوسف يستوعب ما ورد في الإصحاح الحادي والأربعين: ويزيد عليه بتفصيلات كثيرة هي من اللباب في باب الهداية. هذا مع الدقة والصدق والخلو من الحشو والخطأ والباطل، وتحريفات أقلام النساخ الكاذبة، ونلاحظ أن الإصحاح الحادي والأربعين في التوراة الحالية يقص قصة زواج يوسف عليه السلام من بنت كاهن أون، وليس في ذلك أي إشارة إلى أن زوجته هذه هي زوجة سيده، وإنما أشرنا إلى هذا المعنى لأن بعض المفسرين يستطردون في هذا المقام فينقلون نقولا إما أنها من روايات أهل الكتاب، أو من اختلاق القصاص، وليس عليها من دليل قائم من كتاب أو سنة أو حتى رواية توراة مختلطة، فإذا استقرت هذه المعاني أصبح بإمكاننا أن ننقل الإصحاح كله، ومن قراءته يدرك القارئ الفارق العظيم بين القرآن وغيره، ويرى مظهرا من مظاهر الإعجاز، ويعرف بذلك كيف أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عند بشر، ويعرف لم كانت سورة يوسف نموذجا على الإعجاز الذي ينفي الريب عما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو الإصحاح الحادي والأربعون: (وحدث من بعد سنتين (١) من الزمان أن فرعون رأى حلما. وإذا هو واقف عند النهر. وهو ذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم.

فارتعت في روضة. ثم هو ذا سبع بقرات أخرى طالعة وراءها من النهر قبيحة المنظر ورقيقة اللحم. فوقفت بجانب البقرات الأولى على شاطئ النهر فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة. واستيقظ فرعون ثم نام فحلم ثانية، وهو ذا سبع سنابل طالعة في ساق واحد سمينة وحسنة، ثم هو ذا سبع سنابل رقيقة وملفوفة بالريح الشرقية ثابتة، وراءها. فابتلعت السنابل الرقيقة السنابل


(١) أي بعد خروج الفتيين من السجن بسنتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>