للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في السياق]

١ - مر معنا في مقدمة سورة البقرة عن المنافقين قوله تعالى:

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ وسيأتي معنا في أول المقطع اللاحق مقطع القبلة قوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها. وفي هذه الفقرة تحدد معنا معنى السفهاء بما لا يقبل لبسا، ألا وإنهم الراغبون عن الإسلام لله رب العالمين.

٢ - إن الاستسلام لله رب العالمين هو ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فمهما أمر به الله أو نهى عنه أو اختاره، فعلى الإنسان أن يستسلم له، وقد اختار الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب والحكمة، وعلى الإنسان أن يستسلم لله في ذلك، ومن لم يفعل فإنه من السفهاء كائنا من كان.

٣ - ولقد احتج اليهود من قبل في رفضهم الإيمان بالقرآن؛ بأنهم يؤمنون بما أنزل عليهم، وتستكمل الحجة عليهم فيما يأتي من هذه الفقرة، بأن وصية إبراهيم وإسحاق ويعقوب، الإسلام والتوحيد، فعليهم أن يسلموا، ولا ينفعهم انتسابهم للصالحين إن كانوا كافرين.

وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ أي وصى بهذه الملة وهي الإسلام لله، أو وصى بهذه الكلمة وهي (أسلمت لله رب العالمين) إبراهيم بنيه لحرصه عليها ومحبته لها، حافظ عليها إلى حين الوفاة، ووصى بنيه بها من بعده كقوله تعالى (في سورة الزخرف) وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، وَيَعْقُوبُ هو معطوف على إبراهيم داخل في حكمه والمعنى: ووصى بها يعقوب بنيه أيضا، يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ هذه هي الوصية للأبناء، وإذن يقدر قبل: يا بَنِيَّ قول محذوف فيكون التقدير: قال «يا بني إن ... » ومعنى هذه الوصية: إن الله أعطاكم الدين الذي هو صفوة الأديان وهو دين الإسلام، ووفقكم للأخذ به، فلا يكن موتكم إلا على حال كونكم ثابتين على الإسلام، قال ابن كثير في تفسير هذه الوصية: «أي: أحسنوا في حال الحياة والزموا هذا ليرزقكم الله الوفاة عليه، فإن المرء يموت غالبا على ما كان عليه، ويبعث على ما مات عليه، وقد أجرى الله الكريم عادته بأن من قصد الخير وفق له ويسر عليه، ومن نوى صالحا ثبت عليه، وهذا لا يعارض ما جاء في الحديث الصحيح «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>