للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مفصلا، وما أنزل على الأنبياء المتقدمين مجملا، ونص على أعيان من الرسل، وأجمل ذكر بقية الأنبياء لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أي نؤمن بهم جميعا فلا نفعل ما فعلت اليهود والنصارى آمنوا ببعض وكفروا ببعض وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أي ونحن لله مستسلمون، والاستسلام لله هو ذروة الإخلاص.

يقول صاحب الظلال تعليقا على هذه الآية: «تلك الوحدة الكبرى بين الرسالات جميعا، وبين الرسل جميعا، هي قاعدة التصور الإسلامي، وهي التي تجعل من الأمة المسلمة، الأمة الوارثة لتراث العقيدة القائمة على دين الله في الأرض، الموصولة بهذا الأصل العريق، السائرة في الدرب على هدى ونور، والتي تجعل من النظام الإسلامي النظام العالمي، الذي يملك الجميع الحياة في ظله، دون تعصب ولا اضطهاد، والتي تجعل من المجتمع الإسلامي مجتمعا مفتوحا للناس جميعا في مودة وسلام، ومن ثم يقرر السياق الحقيقة الكبيرة، ويثبت عليها المؤمنين بهذه العقيدة حقيقة أن هذه العقيدة هي الهدى من اتبعها فقد اهتدى، ومن أعرض عنها فلن يستقر على أصل ثابت، ومن ثم يظل في شقاق مع الشيع المختلفة التي لا تلتقي على قرار».

فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا قال ابن كثير: يقول تعالى: فإن آمنوا يعني الكفار من أهل الكتاب وغيرهم بمثل ما آمنتم به يا أيها المؤمنون من الإيمان بجميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم، فقد اهتدوا أي: فقد أصابوا الحق وأرشدوا إليه وَإِنْ تَوَلَّوْا عن الحق إلى الباطل بعد قيام الحجة عليهم فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ أي في خلاف وعداوة فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ أي فسينصرك عليهم ويظفرك بهم، هذا ضمان من الله لإظهار رسوله عليهم، وقد أنجز وعده بقتل بعضهم وإجلاء بعضهم، والوعد لا زال مستمرا ومعنى (السين) أن ذلك كائن لا محالة ولو تأخر إلى حين وَهُوَ السَّمِيعُ لما يضمرون من الحسد والغل، وهو معاقبهم عليه، فهو وعيد لهم، أو وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي يسمع ما تدعو به، ويعلم نيتك وما تريده من إظهار دين الحق، وهو مستجيب لك، وموصلك إلى مرادك

صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ

هذه تتمة الحجة في الرد على الداعين إلى ترك ملة إبراهيم إلى يهودية أو نصرانية، فتقدير الكلام على رأي بعض المفسرين إما: قولوا صبغنا الله صبغة أو قولوا: صبغة الله، أو بل صبغة الله، على البدل من ملة إبراهيم أي: بل ملة إبراهيم، بل صبغة الله، وعلى كل هذه الأقوال فإن هذه الآية استمرار للرد على دعاة اليهودية والنصرانية ومزاعمهم، أن الهدى عندهم، أمرنا أن نعلن أن الهداية في ملة إبراهيم ونحن عليها، وأمرنا أن نعلن إيماننا بكل

<<  <  ج: ص:  >  >>