للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- حدثنا مقطع إبراهيم عن السفاهة في العزوف عن ملة إبراهيم وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وهذا المقطع يبدأ بالكلام عن مواقف السفهاء سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها وفي ذلك تقرير أن التوجه إلى حيث وجه الله إنما هو من الإسلام الذي هو ملة إبراهيم. والمقطع يقيم الحجة على بني إسرائيل وعلى النصارى في شأن القبلة. فالمقطع امتداد للحوار الذي مر معنا في مقطع بني إسرائيل. وإذ كانت القبلة بعض هدى الله المنزل نجد في هذا المقطع قوله تعالى وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فإن صلة المقطع بقصة آدم عليه السلام المنتهية بقوله تعالى: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ إن الصلة واضحة بين هذا المقطع ومقطع آدم عليه السلام من حيث إن المقطع يرينا ويقص علينا بعض ما أنزله الله علينا من هدى بواسطة رسول كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ... ومحل القبلة في قضية العبادة لا يخفى. ومن ثم كان هذا المقطع جزءا من القسم الذي ابتدأ بالأمر بالعبادة والتوحيد يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... وفي مقدمة سورة البقرة كلام عن المتقين والكافرين والمنافقين. ومما وصف به المنافقون قوله تعالى أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وهاهنا حديث عن قولة من قولات السفهاء

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ...

وهاهنا حديث عن نعمة الله على هذه الأمة بالهداية وكيف ينبغي أن تقابلها. كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ ... فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ

فالمقطع فيه تذكير بالنعمة، وتأكيد للسير، وتفصيل في الطريق.

فلم يأت مقطع القبلة إلا بعد كل المقدمات اللازمة له. وهذا يدلنا على أهمية قضية القبلة في حياة الأمة، لقد سبق بمقدمة تعمق الثقة بالبيت وبناته، وسبق ذلك بمقدمة تسلب الثقة عن نوع من المشوشين، وسبق ذلك ما يعمق الالتزام بطاعة الله واتباع هداه، وسبق ذلك بالأمر بالعبادة، وسبق ذلك ما يعرف به السفهاء من أهل النفاق وما يعرف به المتقون. وذلك كله ليأتي المقطع في مكانه، مفصلا قضية جديدة سبقتها كل تمهيداتها والكلام عن المقطع وسياقه مستمر فلنكتف هاهنا بما مر.

[تفسير الفقرة الأولى]

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها السين في

<<  <  ج: ص:  >  >>