للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أي السميع لأقوال عباده مؤمنهم وكافرهم، مصدقهم ومكذبهم، البصير بهم فيعطي كلا منهم ما يستحقه في الدنيا والآخرة، مجّد الله عزّ وجلّ نفسه، وعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، بمناسبة الكلام عن الإسراء برسوله صلّى الله عليه وسلّم، وحكمته في ذلك، ثمّ لمّا ذكر أنه أسرى بعبده محمد صلّى الله عليه وسلّم عطف بذكر موسى عليه السلام عبده ورسوله، وما أكرمه به من الكتاب، وكثيرا ما يقرن الله بين ذكر موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.

وبين ذكر التوراة والقرآن.

وفي الكلام عن موسى عليه السلام والتوراة بعد الكلام عن الإسراء إشارة إلى صلة الإسراء بالتدليل على صدق ما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم ووحدة الوحي، ووحدة الرسالة، وفي ذكر موسى وقومه بعد الكلام عن الإسراء بمحمد صلّى الله عليه وسلّم إشارة إلى العبرة في قصة موسى عليه السلام وقومه للذين جاءتهم النبوة الأخيرة، والرسالة الخاتمة كيلا يفعلوا كما فعل الآخرون، فيبدّلوا نعمة الله كفرا، فيستحقوا العقاب

وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة وَجَعَلْناهُ أي كتاب التوراة هُدىً أي هاديا لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا أي لئلا تتخذوا، أي لا تتخذوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا أي ربا تكلون إليه أموركم، فإن الله وحده هو الولي والنصير والمعبود

ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ أي يا ذرية من حملنا مع نوح عليه السلام فيه تهييج وتنبيه على المنة، أي يا سلالة من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة تشبهوا بأبيكم إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً في السراء والضراء، والشكر مقابلة النعمة بالثناء على المنعم اعتقادا وقولا وحالا، والخطاب إما لبني إسرائيل أصلا وتخاطب به هذه الأمة تبعا، أو الخطاب لهذه الأمة مباشرة، فبعد أن حدّثها الله عن آية الإسراء، وعما أنزل الله من آياته على موسى عليه السلام خاطبها مطالبا إياها بالشكر.

قال ابن كثير في تفسيرها: فاذكروا أنتم نعمتي عليكم بإرسالي إليكم محمدا صلّى الله عليه وسلّم وقال النسفي: وأنتم ذرية من آمن به وحمل معه، فاجعلوه أسوتكم كما جعله آباؤكم أسوتهم، وآية رشد الأبناء صحة الافتداء بسنة الآباء إذا كانت حقا وصوابا، وقد عرفتم حال الآباء هنالك، فكونوا أيها الأبناء كذلك.

كلمة في السياق: [حول مضمون المقدمة وصلتها بالمحور]

هذه مقدمة السورة وفي الإشارة إلى ما منّ الله به على محمد صلّى الله عليه وسلّم بالإسراء، وما منّ

<<  <  ج: ص:  >  >>