للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(فائدة)]

قال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه (التنوير في مولد السراج المنير). وقد ذكر حديث الإسراء من طريق أنس، وتكلم عليه فأجاد وأفاد، ثم قال:

وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب، وعلي، وابن مسعود، وأبي ذر، ومالك بن صعصعة، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عباس، وشدّاد بن أوس، وأبيّ بن كعب، وعبد الرحمن بن قرظ، وأبي حبة، وأبي ليلى الأنصاريين، وعبد الله بن عمر، وجابر، وحذيفة، وبريدة، وأبي أيوب، وأبي أمامة، وسمرة بن جندب، وأبي الحمراء، وصهيب الرومي، وأم هانئ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم أجمعين. منهم من ساقه بطوله، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ.

[٣ - تعليقنا]

أ- إن الإسراء والمعراج يذكران في باب المعجزات من كتب الحديث والسيرة والدلائل، والمعجزة ما به تقوم الحجة على الناس، وقد قامت الحجة عليهم بالإسراء من حيث إنهم امتحنوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد إخباره لهم بالإسراء امتحانات متعددة للتأكد من صدق الحادث، فكان أن وجدوا في كل امتحان ما يدلل على صدقه عليه الصلاة والسلام فيه، وقد رأينا في المختارات نموذجا، وفي مجموع الروايات الواردة في هذا الموضوع نماذج من هذه الامتحانات، وبهذا قامت الحجة على الناس بالمعجزة وحدوثها.

ب- رأينا أن الحكمة التي ذكرها القرآن للإسراء هي قوله تعالى لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا وقد كان الإسراء قبيل الهجرة- كما رأينا- فهذا الاطلاع على الآيات كان مقدمة للمرحلة الصعبة- مرحلة المجابهة العسكرية الصعبة- وهذا موسى عليه السلام أراه الله من آياته الكبرى، قبل أن يأمره بمجابهة فرعون وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى * قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى * قالَ أَلْقِها يا مُوسى * فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى * قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى * وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى * لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى * (طه: ١٧ - ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>