للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً أي لتكونوا شهداء على سائر الأمم يوم القيامة بأن الله تعالى قد أوضح السبل وأرسل الرسل فبلغوا ونصحوا، ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم وحده شهيدا علينا بأنه قد بلغ وأدى وأقام الحجة. وأننا قد لبينا واستجبنا فنحن شهداء على الناس يوم القيامة أن رسلهم قد بلغتهم. ورسولنا شهيد علينا يزكينا. وأخر الجار والمجرور (على الناس) في قوله تعالى لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وقدم الجار والمجرور (عليكم) في قوله وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً لأن المراد في الأول إثبات شهادتهم على الأمم. وفي الآخر اختصاصهم بكون الرسول صلى الله عليه وسلم شهيدا عليهم.

أخرج الحافظ ابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وأمتي يوم القيامة على كوم مشرفين على الخلائق. ما من الناس أحد إلا ود أنه منا، وما من نبي كذبه قومه إلا ونحن نشهد أنه قد بلغ رسالة ربه» وإذا كنا عدولا في الآخرة فنحن عدول في الدنيا كذلك. روى الحاكم وابن مردويه واللفظ له عن جابر بن عبد الله قال: «شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة في بني سلمة. وكنت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بعضهم: والله يا رسول لنعم المرء كان. لقد كان عفيفا مسلما وكان .. وأثنوا عليه خيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أنت بما تقول. فقال الرجل: الله أعلم بالسرائر. فأما الذي بدا لنا منه فذاك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت ثم شهد جنازة في بني حارثة. وكنت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: يا رسول الله بئس المرء كان. إن كان لفظا غليظا. فأثنوا عليه شرا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبعضهم أنت بالذي تقول. فقال الرجل: الله أعلم بالسرائر. فأما الذي بدا لنا منه فذاك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبت. قال مصعب بن ثابت: فقال لنا عند ذلك محمد بن كعب. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قرأ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ثم قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وقال الإمام أحمد .... عن أبي الأسود أنه قال: «أتيت المدينة فوافقتها وقد وقع فيها مرض فهم يموتون موتا ذريعا. فجلست إلى عمر بن الخطاب فمرت به جنازة فأثنى على صاحبها خيرا. فقال: وجبت. ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها شرا. فقال عمر:

وجبت. فقال أبو الأسود: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟. قال: قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة» قال: فقلنا وثلاثة؟ قال: فقال «وثلاثة» قال: فقلنا: واثنان. قال «واثنان» ثم لم نسأله عن الواحد» وكذا رواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث داود بن أبي الفرات. وأخرج ابن مردويه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>