للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاهد ألا يضيعه، أو إن صاحب العهد كان مسئولا عنه

وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ أي من غير تطفيف ولا تبخسوا الناس أشياءهم وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ أي الميزان الْمُسْتَقِيمِ المعتدل الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا اضطراب ذلِكَ خَيْرٌ أي لكم في معاشكم ومعادكم وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي عاقبة أي مآلا ومنقلبا. من آل، إذا رجع، قال قتادة في تفسيرها: أي خير ثواب وأحسن عاقبة

وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أي ولا تتبع ما لم تعلم إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ أي هذه الصفات من السمع والبصر والفؤاد كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا قال ابن كثير: أي سيسأل العبد عنها يوم القيامة، وتسأل عنه وعما عمل فيها. وقال النسفي: يقال للإنسان لم سمعت ما لم يحل لك سماعه. ولم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر إليه، ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه،

ثم نهى الله عباده عن التجبر والتبختر في المشية فقال: وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي ذا مرح أي متبخترا متمايلا مشي الجبارين إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ أي لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها، وشدة وطأتك وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا أي بتطاولك وتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك

كُلُّ ذلِكَ مما مر كانَ سَيِّئُهُ أي قبيحه كالزنا والإسراف والعقوق ... عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ثم بين الله عزّ وجل أن ما أمر به من الأخلاق الجميلة، ونهى عنه من الصفات الرذيلة؛ هو من الحكمة التي أوحاها الله لرسوله صلّى الله عليه وسلّم ليأمر بها الناس فقال:

ذلِكَ قال النسفي عنها: إشارة إلى ما تقدم من قوله لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى هذه الغاية أقول أي إشارة إلى المجموعة التي نحن بصددها مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ قال النسفي: أي مما يحكم العقل بصحته وتصلح النفس بأسوته،.

أقول: وكل ما صدر عن الله من فعل أو أمر أو نهي أو كلام هو عين الحكمة، ومنه هذه الأوامر والنواهي وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً افتتحت هذه الأوامر والنواهي بالنهي عن الشرك، وختمت به، لأن التوحيد رأس كل حكمة وملاكها، ومن عدمه لم تنفعه حكمة، وإن حيّر الحكماء وطار في جو السماء. قال النسفي: وما أغنت عن الفلاسفة أسفار الحكم وهم عن دين الله أضل من النعم. فَتُلْقى أي إذا أشركت فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً أي تلومك نفسك، ويلومك الله والخلق مَدْحُوراً أي مطرودا من الرحمة. قال ابن كثير: والمراد من هذا الخطاب الأمة بواسطة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فإنه صلوات الله وسلامه عليه معصوم. وبعد هذه الجولة الطويلة من

<<  <  ج: ص:  >  >>