للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر، وشبهتهم فيه والرد عليهم:

...

وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أي عظاما وترابا وغبارا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أي يوم القيامة خَلْقاً جَدِيداً أي خلقا مجددا بعد أن بلينا وصرنا عدما لا يذكر، وهكذا أنكروا البعث لمجرد استبعادهم الإنشاء بعد التمزق والتشتت. فحجتهم ما ألفوه لا ما هو حقيقة في نفس الأمر بالنظر إلى قدرة الله، وقد جاء الجواب

قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أي صيروا حجارة أو حديدا؛ إذ هما أشد امتناعا من العظام والرفات عن الحياة في رأيهم

أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ أي مما يعظم في تصوركم عن قبوله الحياة، أو عن إمكانية عودتكم إلى الحياة بعد أن تكونوه ممّا في السموات والأرض فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا أي إذا صرنا إلى ما صرنا إليه كأن كنا حجارة أو حديدا، أو خلقا آخر شديدا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أي الذي خلقكم ولم تكونوا شيئا. فهو الذي يعيدكم كرّة أخرى. والمعنى: أنكم تستبعدون أن يجدد الله خلقكم، ويرده إلى حال الحياة بعد ما كنتم عظاما يابسة، مع أن العظام بعض أجزاء الحي، بل هي عمود خلقه الذي يبنى عليه سائره. فليس ببدع أن يردها الله بقدرته إلى الحالة الأولى، ولكن لو كنتم أبعد شئ من الحياة، وهو أن تكونوا حجارة كما يحدث فعلا لبعض الأجسام إذ تتحجّر، أو حديدا، لكان قادرا أن يردكم إلى الحياة؛ أما ترون أنه هو الذي خلقكم أول مرة فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ الإنغاض:

هو التحريك من أسفل إلى أعلى أو من أعلى إلى أسفل. أي فسيهزون رءوسهم تعجبا واستهزاء وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ أي البعث استبعادا له ونفيا قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً أي هو قريب فاحذروا ذلك، فإنه سيأتيكم لا محالة، فكل ما هو آت آت

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ أي الرب تعالى فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ أي تجيبون حامدين إجابة لأمره، وطاعة لإرادته وَتَظُنُّونَ يوم تقومون من قبوركم إِنْ لَبِثْتُمْ في الدنيا أو في القبر إِلَّا

قَلِيلًا

[كلمة في السياق]

بدأ هذا المقطع بقوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً ثم جاء قوله تعالى: قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ثم استمر المقطع- كما رأينا- معللا لموقفهم، ورادا عليه. والآن يأتي

<<  <  ج: ص:  >  >>