للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاءت آية المحور في سياق قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ ومن ثمّ نجد سورة بني إسرائيل تحدثنا كثيرا عن القرآن والبينات التي جاءت فيه، مبينة لنا ضرورة الاهتداء بالقرآن، محذّرة لنا من كيد الشيطان لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا فهي تدعونا إلى الدخول في الإسلام، وإلى ترك اتباع خطوات الشيطان، مبيّنة لنا النعمة في هذا القرآن، محذّرة لنا أن نبدّل نعمة الله كفرا، منذرة لنا إن فعلنا ذلك، وكل ذلك له صلة بمحور السورة من سورة البقرة، ومن ثمّ نجد هذا المقطع يتألف من مجموعتين: مجموعة تتحدث عما أنزل الله على موسى عليه السلام، ومجموعة تتحدث عن هذا القرآن:

[تفسير المجموعة الأولى من المقطع الخامس]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ أي دلائل قاطعات على صحة نبوته وصدقه، فيما أخبر به عمن أرسله إلى فرعون. قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والشعبي وقتادة: هي يده، وعصاه، والسنون، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم. قال ابن كثير: وهذا القول ظاهر جلي حسن قوي وذكر أقوالا أخرى في هذا المقام. فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ أي فاسأل بني إسرائيل حين جاءهم، وليس الرسول صلّى الله عليه وسلّم بحاجة إلى السؤال والله يعلّمه، ولكن للإشارة أن هذه القضية معلومة لبني إسرائيل، وأن هذه الآيات ظهرت على يد موسى عليه السلام، حين جاءهم موسى وهم في مصر. فماذا كان موقف فرعون من هذا؟

فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ مع كل هذه الآيات ومشاهدته لها إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً أي سحرت فخولط عقلك، أو المراد بالمسحور هنا الساحر

قالَ أي موسى عليه السلام، لَقَدْ عَلِمْتَ يا فرعون ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ أي الآيات إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي خالقهما بَصائِرَ أي حججا وأدلة، يرى بها الناس، وترى بها صدق ما جئتك به، وأنت تعلم ذلك، ولكنك معاند وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً أي هالكا. وفي هذا المقام كلام سنذكره في الفوائد

فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ بقتلهم واستئصالهم، وأصل الاستفزاز من الأرض الإخراج، والقتل خروج كامل للروح من الأرض فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً في البحر، دلّ ذلك عن أنّ إرادته استفزازهم إنما كان عند لحوقه إياهم، ولم يكن يريد وقت ذلك إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>