للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سألوا النصارى فدلوهم على هذه الأسئلة، واختلط الأمر على الراوي، وعلى كل فإنّ الذي روى عنه ابن إسحاق شيخ مجهول وهذا يؤثر على قوة الرواية.

[كلمة في سورة الكهف ومحورها]

رأينا أن سورة الحجر، والنحل، والإسراء، والكهف، ومريم، تشكل مجموعة هي المجموعة الثانية في القسم الثاني من أقسام القرآن.

ورأينا أن سورة الحجر تكاد تكون مقدّمة للسور الأربع اللاحقة، وأن السور الأربع اللاحقة تغطي أربع آيات من سورة البقرة هي: الآيات الآتية في حيّز قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

فسورة النحل غطّت الآية الآتية مباشرة بعد هاتين الآيتين وهي:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ. فقد فصّلت هذا المقام بما يخدم موضوع الدخول في الإسلام كله.

وسورة الإسراء غطّت قوله تعالى في الآية اللاحقة: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

فقد فصّلت هذا المقام بما يخدم موضوع الدخول في الإسلام كله، والآن تأتي سورة الكهف لتغطي الآية اللاحقة وهي: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

إنّ ما يحرف الناس عن الدخول في الإسلام كله، وما يدفعهم لاتّباع خطوات الشيطان، هو زينة الحياة الدنيا، وزهدهم في الآخرة، وانتقاصهم لأهلها؛ بسبب غفلتهم عن الله، وأنّه وحده هو الرزاق. هذا المعنى الذي تعرّضت له الآية، خادمة به موضوع الدخول في الإسلام كله، هو الذي تفصّله سورة الكهف وتغطيه، بما يخدم الاستسلام لله، واجتناب خطوات الشيطان، بأسلوب عجيب، هو وحده آية على أن هذا القرآن من عند الله، فكيف إذا كان في هذا القرآن من نواحي العجب والإعجاز ما لا يتناهى. نسأل الله ألا يعمي قلوبنا.

وإذ كانت زينة الحياة الدنيا هي أخطر صارف عن الدخول في الإسلام، وإذ كانت سورة الكهف تعالجها بطريقة مدهشة مربية وموجهة ومقنعة، فقد سنّ للمسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>