للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جعل النسفي كلمة أَحْصى فعلا ماضيا، وردّ بشدة أن تكون أفعل تفضيل.

قال والمعنى: أيهم ضبط أمدا لأوقات لبثهم، وأحاط بأمد لبثهم. وقال: وإنما قال لنعلم مع أنه تعالى لم يزل عالما بذلك، لأن المراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم، ليزدادوا إيمانا واعتبارا، وليكون لطفا لمؤمني زمانهم، وآية بيّنة لكفاره، أو المراد لنعلم اختلافهما موجودا كما علمناه قبل وجوده. وبهذه الآيات الأربعة ذكر الله لنا

قصة أصحاب الكهف على سبيل الإجمال والاختصار. ثم بعد هذا الإجمال والاختصار يأتي بسط القصة.

[فوائد]

١ - [حديث بمناسبة آية إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ذكر ابن كثير الحديث الشريف «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر ماذا تعملون. فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».

٢ - [حديثان بمناسبة دعاء أهل الكهف وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً]

وبمناسبة ذكر دعاء أهل الكهف وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً قال ابن كثير:

كما جاء في الحديث الشريف: «وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدا». وفي المسند من حديث بسر بن أرطاة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يدعو: «اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة».

٣ - [حول أدب الفتوة وما يؤخذ من معنى كلمة (الفتية) في قصة أهل الكهف]

يلاحظ أن الله عزّ وجل ذكر كلمة (الفتية) في هذه القصة أكثر من مرة بما يشعرنا بالثناء، ومن هنا نشأ في التاريخ الإسلامي أدب الفتوة. فتجد مثلا في الرسالة القشيرية بابا خاصا في الفتوة وآدابها. وقد ذكر النسفي تعريفين للفتوة هما تلخيص لأدب الفتوة في تاريخنا: الأول: الفتوة بذل الندى وكف الأذى، وترك الشكوى، واجتناب المحارم، واستعمال المكارم. والثاني: الفتى من لا يدّعي قبل الفعل، ولا يزكّي نفسه بعد الفعل.

٤ - [قصة أهل الكهف نموذج لطلاب الآخرة وصلة ما في القصة من معان بمحور السورة]

إن قصة أهل الكهف نموذج لطلاب الآخرة العازفين عن زينة الحياة الدنيا، ونموذج للدخول في الإسلام كله في أيام الفتنة. ولقد رأينا كيف أن أهل الكهف اعتزلوا وأووا إلى الكهف داعين الله عزّ وجل هذا الدعاء الذي قصّه الله علينا، وهو دعاء الفارين بدينهم من الفتن.

ولنعد إلى سياق القصة، فبعد الإجمال الذي رأيناه يبدأ التفصيل، وقبل أن نبدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>