للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعمته، ويخرّب بساتينك

وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ أي بأمواله أو بثماره، والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان خوّفه به المؤمن، من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها، وألهته عن الله عزّ وجل فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ أي يضرب إحداهما على الأخرى ندما وتحسّرا عَلى ما أَنْفَقَ فِيها أي في عمارتها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها الخاوية الخالية والمراد بها هنا الساقطة يعني أن كرومها المعرشة سقطت عروشها على الأرض، وسقطت فوقها الكروم وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً هنالك تذكّر موعظة المسلم، فعلم أنّه أتي من جهة كفره وطغيانه، فتمنّى لو لم يكن مشركا حتى لا يهلك الله بستانه حين لا ينفعه التمنّي، ويجوز أن يكون كلامه توبة من الشرك وندما على ما كان منه، ودخولا في الإيمان

وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ أي عشيرة أو ولد كما افتخر بهم واستعز يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي يقدرون على نصرته من دون الله، أي هو وحده القادر على نصرته، لا يقدر أحد غيره أن ينصره، إلا أنه لم ينصره لحكمة وَما كانَ مُنْتَصِراً أي وما كان ممتنعا بقوته عن انتقام الله

هُنالِكَ أي في ذلك المقام وتلك الحال الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ أي النصرة لله وحده، لا يملكها غيره، ولا يستطيعها أحد سواه. ويمكن أن يكون المعنى: كل أحد مؤمن أو كافر يرجع إلى الله، وإلى موالاته، والخضوع له في هذا المقام، ويمكن أن يكون المعنى: في هذا المقام ينصر الله أولياءه المؤمنين على الكفرة، وينتقم لهم، يعني أنه نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن وصدّق فيه قوله: وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً أي جزاء وَخَيْرٌ عُقْباً أي وخير عاقبة.

[كلمة في السياق]

تأتي هذه القصة في سياق السورة بما ينسجم مع مقدمتها: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا* وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً فهذان رجلان أحدهما غرّته زينة الحياة الدنيا؛ فرسب وعوقب. والثاني زهد في الحياة الدنيا فنجح ونصر.

والقصة تأتي بعد المقطع الأول الذي أمر الله فيه رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يصبر نفسه مع أهل الإيمان تاركا أهل الدنيا، ففيها تأكيد على ضرورة ذلك، وفي القصة نموذج على محاولات أهل الإيمان مع أهل الدنيا، وكيف أنهم ينكرون عليهم غفلتهم وكفرهم، ويذكّرونهم بالله ربهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>