للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوة إلا بالله» قال أبو بلخ (وهو أحد رواة هذا الحديث): وأحسب أنه قال فإن الله يقول أسلم عبدي واستسلم».

ولنعد إلى سياق المقطع:

فبعد أن ضرب الله مثلا قصة الرجلين، يأمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يضرب مثلا للحياة الدنيا.

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا في زوالها وفنائها وانقضائها كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ أي السحاب فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ أي فالتف بسبب الماء ونما حتى خالط بعضه بعضا، أو أثّر في النبات الماء؛ فاختلط به حتى روي، أي فاختلط بالماء ما فيها من الحب، فشب وحسن، وعلاه الزهر والنور والنضرة، ثم بعد هذا كله فَأَصْبَحَ هَشِيماً أي يابسا تَذْرُوهُ الرِّياحُ أي تفرّقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الإنشاء والإفناء مُقْتَدِراً أي قادرا. أي هو قادر على هذه الحال، وهذه الحال، شبّه حال الدنيا في نضرتها وبهجتها، وما يتعقبها من الهلاك والإفناء، بحال النبات يكون أخضر، ثم يهيج فتطيّره الريح، كأن لم يكن.

[كلمة في السياق]

رأينا أن آخر آيتين في مقدمة سورة الكهف هما:

إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً وهذا المثل الذي مرّ معنا إنما هو توضيح لحقيقة الدنيا في كون ما على الأرض زينة، ولكنه إلى انقضاء.

فالآية تمضى على النسق الكلي لسياق السورة. ثم ذكر الله عزّ وجل أعظم زينة الحياة الدنيا: وهو المال والولد، مبينا أن خيرا من المال والولد، الباقيات الصالحات.

الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ أي أعمال الخير التي تبقى ثمرتها للإنسان، أو الصلوات الخمس، أو سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً أي جزاء وَخَيْرٌ أَمَلًا لأنه وعد صادق، وأكثر الآمال كاذبة، يعني أن صاحب الباقيات الصالحات أمله في ثواب الله في الدنيا والآخرة، أحسن من أمل ذلك الذي يأمل خدمة ماله أو أولاده، فإذا كان خير ما

<<  <  ج: ص:  >  >>