للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن بين الله عزّ وجل أن هؤلاء الذين اتخذهم الكافرون أولياء، كما أنهم ليس لهم علاقة في الخلق، فكذلك لا حول لهم ولا طول يوم القيامة، فخلق هذا شأنهم كيف يتخذون آلهة وأربابا وأولياء!.

...

وَيَوْمَ يَقُولُ أي للكفار تقريعا لهم وتوبيخا، على رءوس الأشهاد نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ في دار الدنيا، ادعوهم اليوم ينقذونكم مما أنتم فيه فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً أي مهلكا، أي وجعلنا بينهم وبين من اتخذوهم أولياء مكان هلاك وعذابا شديدا. وفي الآية أقوال أخرى. قال ابن كثير في تفسير الموبق: والظاهر من السياق هاهنا أنه المهلك، ويجوز أن يكون واديا في جهنم، أو غيره. والمعنى: أن الله تعالى بيّن أنه لا سبيل لهؤلاء المشركين: ولا وصول لهم إلى آلهتهم التي كانوا يزعمون في الدنيا: وأنّه يفرّق بينهم وبينها في الآخرة، فلا خلاص لأحد من الفريقين إلى الآخر، بل بينهما مهلك وهول عظيم وأمر كبير

وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أي أيقنوا، واستعمال كلمة الظن هنا للإشعار بأن أنفسهم تريد أن تهرب من الحقيقة أَنَّهُمْ مُواقِعُوها أي مخالطوها وواقعون فيها. قال ابن كثير في الآية: تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها، ليكون ذلك من باب تعجيل الهمّ، والحزن لهم فإنّ توقّع العذاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب ناجز وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً أي معدلا، أي ليس لهم طريق يعدل بهم عنها، ولا بذلهم منها. وهذه المعاينة لجهنم تكون عند ما يؤتى بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك. فهذه هي عاقبة اتخاذ الشيطان وليا من دون الله.

[كلمة في السياق]

دلت الآيات على أن نقطة الخطأ التي لا أكبر منها، هي اتخاذ الشيطان وليا من دون الله، فهي نقطة الخطأ العقلي، والسلوكي التي توصل إلى النار، وما أصعب النار، وما أشدها، وما أصعب ما قبلها من خزي وذلة وانتظار، وما أشده، فليجتنب الإنسان اتباع خطوات الشيطان، وليحذر أن يكون من جنده الذين زين لهم الحياة الدنيا، وجعلهم يسخرون من أهل الإيمان، مع أن أهل التقوى هم الذين لهم العاقبة، وهم فوقهم يوم القيامة.

وقد فسر بعض المفسرين وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً أي جعل الله بين المشركين ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>