للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تلك الأحداث، ولكن التوراة أحيطت بالأساطير التي لا شك في كونها أساطير.

وشحنت كذلك بالروايات التي لا شك في أنها مزيدة على الأصل الموحى به من الله، فلم تعد التوراة مصدرا مستيقنا لما ورد فيها من القصص التاريخي.

وإذن فلم يبق إلا القرآن. الذي حفظ من التحريف والتبديل، هو المصدر الوحيد لما ورد فيه من القصص التاريخي.

ومن البديهي أنه لا يجوز محاكمة القرآن الكريم إلى التاريخ لسببين واضحين:

أولهما: أن التاريخ مولود حديث العهد، فاتته أحداث لا تحصى في تاريخ البشرية، لم يعلم عنها شيئا. والقرآن يروي بعض هذه الأحداث التي ليس لدى التاريخ علم عنها.

وثانيهما: أن التاريخ- وإن وعى بعض هذه الأحداث- هو عمل من أعمال البشر القاصرة يصيبه ما يصيب جميع أعمال البشر من القصور والخطأ والتحريف، ونحن نشهد في زماننا هذا- الذي تيسرت فيه أسباب الاتصال ووسائل الفحص- أن الخبر الواحد أو الحادث الواحد يروى على أوجه شتى، وينظر إليه من زوايا مختلفة، ويفسر تفسيرات متناقضة ومن مثل هذا الركام يصنع التاريخ، مهما قيل بعد ذلك في التمحيص والتدقيق.

فمجرد الكلام عن استفتاء التاريخ فيما جاء به القرآن الكريم من القصص، كلام تنكره القواعد العلمية المقررة التي ارتضاها البشر، قبل أن تنكره العقيدة التي تقرر أن القرآن هو القول الفصل. وهو كلام لا يقول به مؤمن بالقرآن، ولا مؤمن بوسائل البحث العلمي على السواء. إنما هو مراء).

٢ - وبمناسبة الكلام عن ذي القرنين قال الأستاذ الندوي: (وذهب بعض الفضلاء المعاصرين (أشهرهم مولانا أبو الكلام آزاد الزعيم المسلم والكاتب الإسلامي ووزير المعارف سابقا في الجمهورية الهندية) إلى أنه (أي ذي القرنين) الشخص الذي يسميه اليونان «سائرس» وتسميه اليهود «خورس» ويذكره المؤرخون العرب ب «كيخسرو» «وقد لخص الأستاذ الندوي في حاشية كتابه ما ذكره الأستاذ أبو الكلام آزاد عن هذا الرجل فقال: «ظهر سائرس في سنة ٥٥٩ ق. م. وقد جمع بين مملكتين فارسيتين عظيمتين، كانتا قد انفصلتا منذ زمان، وهما: (ميديا) الجزء الشمالي الذي قد يعبر عنه المؤرخون العرب ب «ما هات» (وفارس) الجزء الجنوبي، فكون منهما إمبراطورية فارسية عظمى، ثم امتدت فتوحه التي اتسمت بالعدل والكرم، والانتصار

<<  <  ج: ص:  >  >>