للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصيني عريق في مدنيته. فإذا كان الحديث عنهم قبل دخولهم عالم المدنية، فهذا يشير إلى أن الزمن الذي كان فيه ذو القرنين متقدم جدا

كَذلِكَ أي كذلك أمر ذي القرنين كذلك الوصف كان كما وصفناه في الفخامة والمقام وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ من الجنود والآلات وأسباب الملك خُبْراً أي علما، أي نحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه، لا يخفى علينا منها شئ، وإن تفرقت أممهم وتقطعت بهم الأرض

ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أي ثم سلك طريقا من مشارق الأرض

حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ قال النسفي: (أي بين الجبلين وهما جبلان سدّ ذو القرنين ما بينهما .... وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق) وقال ابن كثير، وهما جبلان متناوحان (أي متقابلان) بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك فيعيثون فيها فسادا، ويهلكون الحرث والنسل. ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم عليه السلام. كما ثبت في الصحيحين: «إن الله تعالى يقول: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك. فيقول: ابعث بعث النار فيقول: وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة، فحينئذ يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها. فقال:

إن فيكم أمتين، ما كانتا في شئ إلا أكثرتاه يأجوج ومأجوج» وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً أي حتى إذا بلغ بين السدين وجد ذو القرنين من دون السدّين قوما لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا أي لا يكادون يفهمون قولا لاستعجام كلامهم، وبعدهم عن الناس. وهذا يفيد أنهم كانوا في عزلة عن الأمم المجاورة، وأن لغتهم كانت غريبة، ولغات من حولهم عنهم غريبة

قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ قتلا وإهلاكا فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً أي خراجا أي أجرا عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالا يعطونه إياه؛ حتى يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا، فقال ذو القرنين بعفة وصلاح، وقصد للخير

قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ أي ما جعلني فيه مكينا من كثرة المال واليسار خير مما تبذلون لي من الخراج، فلا حاجة لي إليه فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أي ساعدوني بقوة أي بعملكم وآلات البناء أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً أي حاجزا حصينا موثقا. قال النسفي: والردم أكبر من السد

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ أي قطع الحديد، والزبرة:

القطعة الكبيرة حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أي جانبي الجبلين لأنهما يتصادفان أي يتقابلان. أي وضع بعضه على بعض من الأساس، حتى إذا حاذى به رءوس الجبلين طولا وعرضا قالَ انْفُخُوا أي قال ذو القرنين للعملة: انفخوا في الحديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>