للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان ما لم يرج الله واليوم الآخر، ويذكر الله كثيرا، فإن حظه من الاقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكون معدوما، وبقدر رجاء الله واليوم الآخر، والذكر الكثير، يكون الاقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذكرنا هناك: أن الذكر الكثير هو البداية، لأن الله عزّ وجل جعله بصيغة الماضي، وجعل الرجاء بصيغة المضارع، مما يشعر بأنه حتى الرجاء ينميه الذكر الكثير، ويحييه، وهاهنا في سورة الكهف ختمت السورة بقوله تعالى:

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً وعلى هذا فإننا نفهم أن علامة الرجاء العمل الصالح الخالص لوجه الله، وعلى هذا فإن المربين عليهم أن يلاحظوا هذا في التربية، يبدءون مع مريد وجه الله بالذكر والعلم، ويدفعونه نحو أنواع العمل الصالح كلها، مع ملاحظة الإخلاص لله تعالى، فإنه إذا اجتمع لمريد وجه الله ذلك فإنه يكون سائرا على قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو إن هذا يسهّل له أمر السير على قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي هو القدوة العليا في حمل الإسلام، والدخول فيه وتطبيقه كله. كما هو القدوة العليا في اجتناب خطوات الشيطان، كما هو القدوة العليا في موقفه من الدنيا، أخذا منها لله، وزهدا فيها لله، وتواضعا للمؤمنين، ومعرفة بالله.

فليلاحظ المربون والسالكون إلى الله ذلك.

[كلمة في سورة الكهف]

بدأت سورة الكهف بتعليمنا الحمد على نعمة هذا القرآن، فمن لم يصل إلى الشعور بنعمة الله عليه بهذا القرآن، فهو لم يأخذ درسها الأول، ثم بينت لنا بعض خصائص القرآن، وخاصة موضوع براءته من العوج واستقامته. فمن لم يستشعر هذا المعنى في القرآن كله فاته درسها الثاني. ثم بينت أن أسلوب هذا القرآن في العرض هو التبشير والإنذار، فمن لم يذق هذا المعنى، ويتفاعل معه، ويعرف حكمة الله فيه، فاته درسها الثالث، ثم بينت الحكمة في تزيين الحياة الدنيا، وهي الاختبار، فمن لم ينجح في الاختبار، بأن يحسن العمل بالدخول في الإسلام، واجتناب خطوات الشيطان، فاته درسها الرابع، ومن لم يعرف قصة أهل الكهف ومحلّها بالنسبة لمجموع آيات الله، فاته درسها الخامس، ومن لم يتأدب مع الله، ومع خلقه، ومع الحق، فاته درسها السادس، ومن لم يشكر الله على ما أعطاه من نعم الدنيا، ويتعامل مع أهل الدنيا بمنطق المذكّر الواعظ، فاته درسها السابع، ومن لم يزهد في الدنيا، ويعرف حقيقتها، فاته درسها الثامن، ومن لم يجتنب خطوات الشيطان، فاته درسها التاسع. ومن لم يتأدب

<<  <  ج: ص:  >  >>