للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رأينا أن هذه المجموعة مؤلفة من خمس سور: (الحجر) التي هي مقدمة لتفصيل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً .....

و(النحل) التى فصّلت الآية: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ .... و (الإسراء) التي فصّلت الآية سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ.

و(الكهف) التي فصّلت الآية زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ... * والآن تأتي سورة (مريم) لتفصل الآية كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ... وكل ذلك بما يخدم الأمر في الدخول في الإسلام كافة. وعلى هذا فالسور الأربع المتتابعة تفصّل في آيات أربع متتابعة.

...

وإذن فسورة مريم تفصّل قوله تعالى من سورة البقرة: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا

اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

وإنما دلنا على أن سورة مريم تفصّل هذه الآية، أو بعض معانيها، ما سبقها من سور تفصل الآيات التي قبل هذه الآية وكونها تكمل هذه السور والمعاني الواردة فيها، كما دلنا على ذلك المعاني.

...

إن آية البقرة تبين أن الناس قد أصبحوا في لحظة ما كافرين جميعا. فاقتضى ذلك إرسال الرسل مبشّرين ومنذرين، وأنزل الله معهم الوحي حاكما في كل خلاف، ولكن الكتاب الذي جاء حاسما لكل خلاف أصبح محل اختلاف بسبب بغي الناس.

ولكن جرت سنة الله أنه رغم الاختلاف فإنه يهدي بالكتاب المؤمنين الخالصين إلى الصراط المستقيم، فالآية تبيّن حكمة بعثة الرسل، وتبيّن حكمة إنزال الكتاب، وتبيّن رحمة الله بأهل الإيمان الذين لا بغي عندهم. وهي بهذا تخدم الأمر بالدخول في الإسلام كله: فإذ بعث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم بشيرا ونذيرا، أنزل معه الكتاب حاسما لكل خلاف، فالدخول في الإسلام الذي بعث به محمد صلّى الله عليه وسلّم هو الطريق الوحيد للبشرية لتحسم خلافاتها بالحق وبالوحي وبالكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>