للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وساعاتها، كأنها يوم واحد، ولهذا يستقصر الكافرون مدة الحياة الدنيا يوم القيامة، وكأن غرضهم في ذلك درء قيام الحجة عليهم لقصر المدة

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ هل تبقى يوم القيامة أو تزول؟ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً أي يذهبها عن أماكنها، ويمحقها ويسيرها تسييرا

فَيَذَرُها أي فيذر مقارها قاعاً صَفْصَفاً أي مستوية ملساء، هذا إن عاد الضمير إلى الجبال، وإن عاد إلى الأرض يكون المعنى: فيتركها بساطا واحدا.

قال ابن كثير: والقاع: هو المستوي من الأرض، والصفصف تأكيد لمعنى ذلك

لا تَرى فِيها عِوَجاً أي انخفاضا وَلا أَمْتاً أي ارتفاعا

يَوْمَئِذٍ أي يوم تكون الأرض كذلك يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ إلى المحشر، أي صوت الداعي وهو إسرافيل لا عِوَجَ لَهُ أي لا يعوج له مدعو بل يستوون إليه من غير انحراف متبعين لصوته وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ أي وسكنت الأصوات هيبة وإجلالا للرحمن فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً أي إلا صوتا خفيا لتحريك الشفاه أو المعنى: فلا تسمع إلا خفق الأقدام

ونقلها إلى المحشر، إذ تسمي العرب صوت أخفاف الإبل همسا.

قال ابن كثير: (وقال سعيد بن جبير فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً الحديث وسره، ووطء الأقدام، فقد جمع سعيد كلا القولين وهو محتمل، أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس إلى المحشر، وهو مشيهم في سكون وخضوع، وأما الكلام الخفي فقد يكون في حال دون حال فقد قال تعالى يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (هود: ١٠٥)

يَوْمَئِذٍ أي يوم القيامة لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عنده إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا أي لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أذن له الرحمن أن يشفع، ورضي له قولا بأن يكون المشفوع له مسلما

يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أي يعلم ما تقدمهم من الأحوال وما يستقبلونه وَلا يُحِيطُونَ بِهِ أي بالله عِلْماً لأنه لا يعرف الله حق المعرفة إلا الله

وَعَنَتِ الْوُجُوهُ أي وخضعت وذلت لِلْحَيِّ الذي لا يموت الْقَيُّومِ الدائم القائم على كل نفس بما كسبت، أو القائم بنفسه الدائم بتدبير الخلق وَقَدْ خابَ أي قد يئس من رحمة الله مَنْ حَمَلَ ظُلْماً أي من حمل إلى موقف القيامة شركا، لأن الظلم: وضع الشئ في غير موضعه، ولا ظلم أشد من جعل المخلوق شريكا لله

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ أي الطاعات وَهُوَ مُؤْمِنٌ أي مصدق بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>