للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالحيات، قالوا: فلا والله ما أحد في الأرض يعمل بالسحر والحيات، والحبال والعصي، الذي نعمل، فما أجرنا إن نحن غلبنا؟ قال لهم: أنتم أقاربي وخاصتي، وأنا صانع إليكم كل شئ أحببتم، فتواعدوا يوم الزينة، وأن يحشر الناس ضحى، قال سعيد بن جبير فحدثني ابن عباس أن يوم الزينة اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة، هو يوم عاشوراء. فلما اجتمعوا في صعيد واحد قال الناس بعضهم لبعض: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ يعنون موسى

وهارون استهزاء بهما؛ فقالوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة، فأوحى الله إليه أن ألق عصاك فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيمة فاغرة فاها، فجعلت العصي تلتبس بالحبال حتى صارت جرزا إلى الثعبان تدخل فيه، ما أبقت عصا ولا حبلا إلا ابتلعته، فلما عرف السحرة ذلك قالوا: لو كان هذا سحرا لم يبلغ من سحرنا كل هذا، ولكن هذا أمر من الله عزّ وجل، آمنا بالله وبما جاء به موسى من عند الله، ونتوب إلى الله مما كنا عليه، فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه، ظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ وامرأة فرعون بارزة متبذلة تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون وأشياعه، فمن رآها من آل فرعون ظن أنها إنما ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه، وإن كان حزنها وهمها لموسى، فلما طال مكث موسى بمواعيد فرعون الكاذبة، كلما جاء بآية وعده عندها أن يرسل معه بني إسرائيل، فإذا مضت أخلف موعده وقال: هل يستطيع ربك أن يصنع غير هذا؟ فأرسل الله على قومه الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم آيات مفصلات، كل ذلك يشكو إلى موسى ويطلب إليه أن يكفها عنه، ويواثقه على أن يرسل معه بني إسرائيل، فإذا كف ذلك أخلف موعده، ونكث عهده، حتى أمر الله موسى بالخروج بقومه فخرج بهم ليلا، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا، أرسل في المدائن حاشرين، فتبعه بجنود عظيمة كثيرة، وأوحى الله إلى البحر إذا ضربك عبدي موسى بعصاه فانفلق اثنتي عشرة فرقة، حتى يجوز موسى ومن معه، ثم التق على من بقي بعد من فرعون وأشياعه فنسي موسى أن يضرب البحر بالعصا، وانتهى إلى البحر وله قصيف، مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافل، فيصير عاصيا لله. فلما تراءى الجمعان وتقاربا قالَ أَصْحابُ مُوسى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ افعل ما أمرك به ربك، فإنه لم يكذب ولم تكذب. قال: وعدني ربي

<<  <  ج: ص:  >  >>