للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ريثما يعي المسلم حقيقة مركزه في الوجود. فلا ينظر إلى الأمور إلا من خلال وظيفته كإنسان مكلف أمام الله. فيرى الأمور كلها ببصيرة أهل الإيمان.

٥ - يقدم صاحب الظلال لهذه المجموعة بقوله:

«بعد تقرير القبلة وإفراد الأمة المسلمة بشخصيتها المميزة، التي تتفق مع حقيقة تصورها المميزة كذلك .. كان أول توجيه لهذه الأمة ذات الشخصية الخاصة والكيان الخاص، هذه الأمة الوسط الشهيدة على الناس .. كان أول توجيه لهذه الأمة هو الاستعانة بالصبر والصلاة على تكاليف هذا الدور العظيم. والاستعداد لبذل التضحيات التي يتطلبها هذا الدور من استشهاد الشهداء، ونقص الأموال والأنفس والثمرات، والخوف والجوع، ومكابدة أهوال الجهاد لإقرار منهج الله في الأنفس، وإقراره في الأرض بين الناس، وربط قلوب هذه الأمة بالله ورحمته وهدايته وهي وحدها جزاء ضخم للمؤمن الذي يدرك قيمة هذا الجزاء».

ويختم صاحب الظلال الكلام عن هذه المجموعة معلقا على قوله تعالى:

أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ بقوله:

«وبعد. فلا بد من وقفة أمام هذه الخاتمة في تلك التعبئة للصف الإسلامي. التعبئة في مواجهة المشقة والجهد والاستشهاد والقتل والجوع والخوف، ونقص الأموال والأنفس والثمرات. التعبئة في هذه المعركة الطويلة الشاقة العظيمة التكاليف. إن الله يضع هذا كله في كفة، ويضع في الكفة الأخرى أمرا واحدا .. صلوات من ربهم ورحمة،

وأولئك هم المهتدون .. إنه لا يعدهم هنا نصرا، ولا يعدهم هنا تمكينا ولا يعدهم مغانم ولا يعدهم هنا شيئا، إلا صلوات الله ورحمته وشهادته .. لقد كان الله يعد هذه الجماعة لأمر أكبر من ذواتها، وأكبر من حياتها. فكان من ثم يجردها من كل غاية، ومن كل هدف ومن كل رغبة من الرغبات البشرية- حتى الرغبة في انتصار العقيدة- كان يجردها من كل شائبة تشوب التجرد المطلق له ولطاعته ولدعوته .. كان عليهم أن يمضوا في طريقهم لا يتطلعون إلى شئ إلا رضى الله وصلواته ورحمته وشهادته لهم بأنهم مهتدون. هذا هو الهدف، وهذه هي الغاية، وهذه هي الثمرة الحلوة التي تهفو إليها قلوبهم وحدها. فأما ما يكتبه الله لهم بعد ذلك من النصر والتمكين فليس لهم، إنما هو لدعوة الله التي يحملونها.

إن لهم في صلوات الله ورحمته وشهادته جزاء. جزاء على التضحية بالأموال والأنفس

<<  <  ج: ص:  >  >>