للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيما بينهم خفية هذا الكلام، يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستبعدون كونه نبيا أنه بشر مثلهم فكيف اختص بالوحي دونهم، ولهذا قالوا كما ذكر الله على لسانهم أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي أفتتبعونه فتكونوا كمن يأتي السحر وهو يعلم أنه سحر.

والمعنى: أنهم اعتقدوا أن الرسول لا يكون إلا ملكا، وأن كل من أدعى الرسالة من البشر، وجاء بالمعجزة فهو ساحر، ومعجزته سحر، فلذلك قالوا على سبيل الإنكار:

أفتحضرون السحر وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر.

[كلمة في السياق]

وهكذا وصف الله حال هؤلاء الكافرين أنهم غافلون ومعرضون ولا يستمعون الوحي إلا والجسم لاعب، والقلب لاه، وقد بنوا الأمر على أن محمدا صلى الله عليه وسلم بشر وساحر، وليس من التعقل حضور مجلسه، فناس هذا شأنهم كيف يصلحهم الإنذار، أو ينفعهم إن صلة ذلك بقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ واضحة، فهذه الآيات عللت لنا لم لا ينفع الإنذار بهؤلاء؟ إنهم غافلون معرضون، لاعبون، لا هو القلب، يتآمرون على الرسالة، ظالمون، تصوراتهم خاطئة، فالعلة فيهم ومنهم، ومن ثم ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم، وجعل على بصرهم غشاوة، ولهم عذاب عظيم.

[نقل]

بمناسبة مقدمة السورة قال صاحب الظلال:

(هؤلاء الذين يصفهم القرآن الكريم كانوا يواجهون ما ينزل من القرآن ليكون دستورا للحياة، ومنهاجا للعمل، وقانونا للتعامل .. باللعب. ويواجهون اقتراب الحساب بالغفلة. وأمثال هؤلاء موجودون في كل زمان. فحيثما خلت الروح من الجد والاحتفال والقداسة صارت إلى هذه الصورة المريضة الشائهة التي يرسمها القرآن.

والتي تحيل الحياة كلها إلى هزل فارغ، لا هدف له ولا قوام!

ذلك بينما كان المؤمنون يتلقون هذه السورة بالاهتمام الذي يذهل القلوب عن الدنيا وما فيها:

جاء في ترجمة الآمدي لعامر بن ربيعة أنه كان قد نزل به رجل من العرب فأكرم مثواه .. ثم جاءه هذا الرجل وقد أصاب أرضا فقال له: إني استقطعت من رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>