للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، وكونه مخلوقا وآية، فليس هو إلا كذلك، رسول من رسل الله، وفي ذلك مظهر من مظاهر الارتباط في السياق؛ لأنه مر معنا من قبل قوله تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ... وإذن فذكر الأنبياء في سياق السورة يخدم كل القضايا التي سبق وذكرت في السورة، وفي ذكر كل رسول من الرسل إقامة حجة جديدة على الكافرين الذين يرفضون التسليم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويرفضون التسليم للوحي.

وقد آن الأوان أن نلفت نظرك إلى أهم رابط يربط بين ذكر هؤلاء الأنبياء وسياق السورة فانتبه إليه.

بدأت السورة بمقدمة: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ* ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ* لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ*.

ثم جاء بعد هذا مباشرة قوله تعالى قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وهذا النص يأتي هنا بمثابة رد على كلامهم، فلما قال الرسول هذا الكلام، ثارت ثائرتهم فقالوا بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ فجاء الجواب على افترائهم الأخير وكلامهم الأول مع الأخير ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ .. وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ ...

وإذ تأتي الردود على منطقهم فتدحضه، يبقى أن تأتي الأدلة على قول الرسول قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

وفي ذكر قصص هؤلاء الأنبياء يأتي تقرير ذلك، ومن ثم نلاحظ تكرار كلمة:

إِذْ نادى * فَاسْتَجَبْنا* وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ ... فَاسْتَجَبْنا لَهُ ... وَذَا النُّونِ ... فَنادى فِي الظُّلُماتِ ..

فَاسْتَجَبْنا لَهُ ... وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ ... فَاسْتَجَبْنا لَهُ ....

فالله عزّ وجل يسمع النداء في كل حال ويستجيب، وفي ذكر قصة إبراهيم ولوط، وفي ذكر قصة سليمان وداود وقصة مريم، وقصة إسماعيل وإدريس وذي الكفل عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>