للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ قال ابن كثير: (أي دخل في الدين على طرف، فإن وجد ما يحبه استقر، وإلا انشمر. روى البخاري عن ابن عباس وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ قال: كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال: هذا دين صالح. وإن لم تلد امرأته، ولم تنتج خيله قال هذا دين سوء. وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن، قالوا: إن ديننا هذا لصالح، فتمسكوا به، وإن وجدوا عام جدوبة، وعام ولاد سوء، وعام قحط، قالوا: ما في ديننا هذا خير. فأنزل الله على نبيه وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ الآية، وقال العوفي عن ابن عباس: كان أحدهم إذا قدم المدينة وهم أرض دونه، فإن صح بها جسمه، ونتجت فرسه مهرا حسنا، وولدت امرأته غلاما، رضي به واطمأن إليه؛ وقال: ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ والفتنة:

البلاء، أي وإن أصابه وجع المدينة، وولدت امرأته جارية، وتأخرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان فقال: والله ما أصبت منذ كنت على دينك إلا شرا، وذلك الفتنة، وهكذا ذكر قتادة والضحاك وابن جريج وغير واحد من السلف في تفسير هذه الآية، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو المنافق، إن صلحت له دنياه أقام على العبادة، وإن فسدت عليه دنياه، وتغيرت انقلب، فلا يقيم على العبادة إلا لما صلح من دنياه، فإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار، أو ضيق، ترك دينه ورجع إلى الكفر، وقال مجاهد في قوله انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ أي ارتد كافرا وقوله خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ فلا هو حصل من الدنيا على شئ، وأما الآخرة فقد كفر بالله العظيم، فهو فيه في غاية الشقاء والإهانة، ولهذا قال تعالى ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ أي هذه هي الخسارة العظيمة، والصفقة الخاسرة).

٢ - قوله تعالى عن آلهة المشركين لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ يدل على أن بين المرتد وبين ما ارتد إليه نوع سيادة وصحبة، فهو قد أعطى آلهته الجديدة العبودية، وأعطاها الصحبة وهذا يجعلنا نفهم أن الآلهة التي ينقلب إليها هذا النوع من الناس أوسع من أن تكون صنما.

<<  <  ج: ص:  >  >>