للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المجموعة الثانية من المقطع الثالث]

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أمنية لها علاقة في هداية أمته أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي في محل أمنيته وهي أتباعه فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ أي يذهب به ويبطله من قلوب المخلصين ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ أي في قلوب الأتباع المخلصين، فيثبتها ويحفظها وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما يلقي الشيطان وبغيره حَكِيمٌ في وضع كل شئ في محله، وهو يثبت ما يثبت في القلوب، وينسخ ما ينسخ منها على مقتضى حكمته

لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً أي محنة وابتلاء لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك ونفاق وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ بسبب من أعمالهم وَإِنَّ الظَّالِمِينَ أي المنافقين والمشركين والفاسقين لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ أي لفي خلاف بعيد عن الحق والصواب

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بالله وبدينه وبالآيات أَنَّهُ الْحَقُّ أي أن القرآن حق مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ أي بالقرآن فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ أي فتطمئن وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ في كل شئ قال النسفي فيها: فيتأولون ما يتشابه في الدين، بالتأويلات الصحيحة، ويطلبون لما أشكل منه المحمل الذي تقتضيه الأصول المحكمة حتى لا تلحقهم حيرة ولا تعتريهم شبهة

وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْهُ أي من القرآن أو الصراط المستقيم حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أي فجأة أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ عن أن يكون للكافرين فيه فرج وراحة يقال: ريح عقيم إذا لم تنشئ مطرا ولم تلقح شجرا، أو شديد لا رحمة فيه، أو لا مثل له في عظم أمره

الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ أي يوم القيامة أو يوم يؤمنون، أو يوم تزول مريتهم لِلَّهِ لا منازع له فيه يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ أي يقضي بينهم ثم بين ما سيحكم به فقال فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أي كفرت قلوبهم بالحق وحجته وكذبوا به، وخالفوا الرسل، واستكبروا عن اتباعهم فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أي مذل في مقابلة استكبارهم وإبائهم عن الحق.

[كلمة في السياق]

بعد أن أمر الله عزّ وجل رسوله صلى الله عليه وسلم في المجموعة الأولى أن يعلن للناس أنه نذير مبين، بين في هذه المجموعة سنة من سننه، أن هناك رغبة موجودة عند كل نبي ورسول، فكل نبي ورسول يتمنى أماني ضخمة في هداية أمته، والارتقاء بها إلى الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>