للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ والذي أحب أن أؤكده هنا أن هاتين السنتين ينبغي أن يكونا على بال الداعية إلى الله في كل لحظة، وعليه أن يبقى ذاكرا ما يلي:

١ - أن الشيطان لن يترك المدعوين بلا إلقاء، وأن مظنة الاستجابة له مرضى القلوب وقساتها، وأن أهل العلم وحدهم بمنجاة من إلقاءاته فليحرص الداعية إذن على تطهير القلب وتعميم العلم.

٢ - أن عملية الإلقاء من الشيطان والاستجابة لها يترتب عليها موقف ضد الداعية، فإذا قابل الداعية الموقف بمثله فلا حرج عليه، وإن ظلم فإن الله ناصره، إن هاتين القاعدتين ما لم تكونا على ذكر دائم لدى الداعية فإنه يأسى كثيرا.

ولننتقل إلى المقطع الرابع ولنقدم له بكلمة حول السياق:

محور سورة الحج هو قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وقد بدأت سورة الحج بالامر بالتقوى، وربت عليها، وذكرت

الصوارف عنها، ثم أمرت الرسول صلى الله عليه وسلم بالإنذار في المقطع الثالث الذي ورد في خواتيمه قوله تعالى وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وها هو المقطع الأخير يأتي مفندا عبادة غير الله، آمرا بعبادة الله، مفصلا في ذلك، أن نقطة البداية في التقوى عبادة الله، ومن ثم يأتي هذا المقطع ليهدم في الآية الأولى منه عبادة غير الله، ولما كان المستفيدون الوحيدون من الخطاب هم المؤمنين من الناس، فإن المقطع في نهايته يتوجه إلى المؤمنين آمرا إياهم بصنوف من العبادة توصل إلى التقوى، إن الآية التي هي محور سورة الحج من سورة البقرة أمرت بالعبادة للوصول إلى التقوى، وسورة الحج ابتدأت بالأمر بالتقوى، وختمت بالأوامر بالعبادة؛ إذ هي الطريق العملي لتحقيق التقوى، فكانت آخر ما يقرؤه الإنسان في السورة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>