للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البشرية جزءا من الناموس الكوني، تتولاه اليد التي تدبر الكون كله، وتنسق أجزاءه جميعا. والبشر جزء من هذا الكون، خاضع لناموسه الكبير، فأولى أن يشرع لهذا الجزء من يشرع للكون كله، ويدبره في تناسق عجيب. بذلك لا يخضع نظام البشر للأهواء فيفسد ويختل وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ.

[فوائد المجموعتين]

١ - عند قوله تعالى وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ يذكر ابن كثير الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عائشة أنها قالت:

يا رسول الله الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عزّ وجل؟ قال: لا يا بنت الصديق: ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عزّ وجل» وهكذا رواه الترمذي وابن أبي حاتم وقال «لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يتقبل منهم».

٢ - رأينا أن بعض المفسرين فسروا قوله تعالى أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ فسروها بقولهم هم لأجلها سابقون، ويمكن أن يكون المعنى أن من اتصف بهذه الصفات يسبق الخيرات ويتقدم عليها بمعنى: أنه إذا مشى فالخير يمشي على أثره.

٣ - بمناسبة قوله تعالى بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ قال ابن كثير: (وقال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا «فقال له: أسلم» فقال الرجل: إنك لتدعوني إلى أمر أنا له كاره فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «وإن كنت كارها» وذكر لنا أنه لقي رجلا فقال له «أسلم» فتصعده ذلك وكبر عليه، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم «أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث، فلقيت رجلا تعرف وجهه، وتعرف نسبه، فدعاك إلى طريق واسع سهل، أكنت تتبعه؟ - قال نعم، وقال: فو الذي نفس محمد بيده إنك لفي أوعر من ذلك الطريق لو كنت عليه، وإني لأدعوك لأسهل من ذلك لو دعيت إليه، وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له «أسلم» فتصعده ذلك فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم «أرأيت لو كان لك فتيان أحدهما: إذا حدثك صدقك، وإذا ائتمنته أدى إليك. أهو أحب إليك أم فتاك الذي إذا حدثك كذبك، وإذا ائتمنته خانك؟» قال: بل فتاي الذي إذا حدثني صدقني، وإذا ائتمنه أدى إلي، فقال نبي

<<  <  ج: ص:  >  >>