للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاصة والعامة، ومجيء هذه الآداب بعد الأحكام التي مرت في المجموعات الثلاث الأولى مرتبط نوع ارتباط بها؛ فبالاستئذان تنتفي الريبة، وينتفي الاطلاع على ما لا يرغب الآخرون أن يطلع عليه أحد، وينتفي سوء الظن إذا رأى الإنسان شيئا لا يعرف وجهه الصحيح، ومجيء هذه الآداب في السورة التي محورها ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً معلوم الحكمة، فهي أجزاء من الإسلام ينبغي أن تطبق، وما خالفها اتباع لخطوات الشيطان، ومن زل عنها أخطأ الطريق بعد البيان. ولنعد إلى التفسير:

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ المراد غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل، قال النسفي: (ويجوز النظر إلى وجه الأجنبية وكفها وقدميها- في رواية- وإلى رأس المحارم والصدر والساقين والعضدين) وهذا كله بلا شهوة، أما بشهوة فلا يجوز النظر بحال، لا لمحرم ولا لأجنبية، وقال النسفي: هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم

من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعا وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ أي من الزنا، ومن النظر إليه لغير زوجة أو زوج أو أمة أو سيد بالنسبة للأمة ذلِكَ أي غض البصر وحفظ الفرج أَزْكى لَهُمْ أي أطهر من دنس الإثم قال ابن كثير: (أي أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم) إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ فيه ترغيب وترهيب، يعني أنه خبير بأحوالهم وأفعالهم، وكيف يجيلون أبصارهم، فعليهم إذا عرفوا ذلك أن يكونوا على تقوى وحذر في كل حركة وسكون

وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ قال النسفي: (أمرن بغض الأبصار، فلا يحل للمرأة أن تنظر من الأجنبي إلى ما تحت سرته إلى ركبتيه، وإن اشتهت غضت بصرها رأسا ولا تنظر إلى المرأة إلا إلى مثل ذلك، وغض بصرها من الأجانب أصلا أولى بها، وإنما قدم غض الأبصار على حفظ الفروج؛ لأن النظر بريد الزنا، ورائد الفجور، فبذر الهوى طموح العين).

وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ أي مواضع زينتهن، قال النسفي- وهو حنفي-:

(ومواضعها الرأس، والأذن، والعنق، والصدر، والعضدان، والذراع والساق، فهي الإكليل، والقرط، والقلادة، والوشاح، والدملج، والسوار، والخلخال) إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها قال النسفي وهو حنفي: إلا ما جرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان والقدمان، ففي سترها حرج بين، فإن المرأة لا تجد بدا من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصا في الشهادة، والمحاكمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>