للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل تناول يسير الخمر عبادة، أو جعل السكر من الحشيشة عبادة.

فمن جعل المعاونة بقيادة أو غيرها عبادة، أو جعل شيئا من المحرمات التي يعلم تحريمها في دين الإسلام عبادة، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل وهو مضاهاة للمشركين الذين إذا فعلوا الفاحشة قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ وفاحشة أولئك إنما كانت طوافهم بالبيت عراة، وكانوا يقولون لا نطوف في الثياب التي عصينا الله فيها، فهؤلاء إنما كانوا يطوفون عراة على وجه اجتناب ثياب المعصية، وقد ذكر الله عنهم ما ذكر، فكيف ممن جعل جنس الفاحشة المتعلقة بالشهوة عبادة.

والله سبحانه قد أمر في كتابه بغض البصر، وهو نوعان: غض البصر عن العورة، وغضها عن محل الشهوة، فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة» ويجب على الإنسان أن يستر عورته، كما قال لمعاوية بن حيدة (١) «احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك قلت: فإذا كان أحدنا مع قومه؟ قال: إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها قلت: فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه من الناس» ويجوز كشفها بقدر الحاجة كما تنكشف عند التخلي. ولذلك إذا اغتسل الرجل وحده بحيث يجد ما يستره فله أن يغتسل عريانا، كما اغتسل موسى (٢) عريانا وأيوب (٣)، وكما في


(١) الحديث رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة القشيري الصحابي المشهور قال قلت: يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر فذكر الحديث. وبهز وأبوه ليسا من شرط البخاري ولذلك فقد رواه معلقا.
(٢) حديث اغتسال موسى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر» إلى آخر الحديث المتفق عليه.
صحيح البخاري بشرح فتح الباري ٣٨٥/ ١.، المنتقى بشرح نيل الأوطار ٣٩٧/ ١.
(٣) وحديث اغتسال أيوب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أيوب يغتسل عريانا فخر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحتثي في ثوبه فناداه ربه: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك». صحيح البخاري بشرح الفتح ٣٨٧/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>