للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزة لمن أطاعه والذلة لمن عصاه قال تعالى يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (المنافقون: ٨) وقال تعالى وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران: ١٣٩).

ولهذا كان في كلام الشيوخ: الناس يطلبون العز بأبواب الملوك، ولا يجدونه إلا في طاعة الله: وكان الحسن البصري يقول: إن هملجت بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال، فإن ذل المعصية في رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، ومن عصاه ففيه قسط من فعل من عاداه بمعاصيه، وفي دعاء القنوت «إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت».

والصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق في الأمة لم يكونوا يستحسنون مثل هذا، بل ينهون عنه، ولهم في الكلام في ذم صحبة الأحداث وفي الرد على أهل الحلول، وبيان مباينة الخالق ما لا يتسع هذا الموضع لذكره، وإنما استحسنه من يتشبه به مما هو عاص أو فاسق أو كافر، فيظاهر بدعوى الولاية، لله وتحقيق الإيمان والعرفان وهو من شر أهل العداوة لله، وأهل النفاق والبهتان، والله تعالى يجمع لأوليائه المتقين خير الدنيا والآخرة، ويجعل لأعدائه الصفقة الخاسرة، والله سبحانه أعلم).

قال الألوسي عند قوله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ .. :

(فلا ينظرن إلى ما لا يحل لهن النظر إليه كالعورات من الرجال والنساء، وهي ما بين السرة والركبة، وفي الزواجر لابن حجر المكي كما يحرم نظر الرجل للمرأة، يحرم نظرها إليه ولو بلا شهوة ولا خوف فتنة، نعم إن كان بينهما محرمية نسب أو رضاع أو مصاهرة، نظر كل إلى ما عدا ما بين سرة الآخر وركبته. والمذكور في بعض كتب الأصحاب إن كان نظرها إلى ما عدا ما بين السرة والركبة بشهوة حرم، وإن بدونها لا يحرم. نعم غضها بصرها من الأجانب أصلا أولى بها وأحسن، فقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي والبيهقي في سننه عن أم سلمة أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجبا منه فقلت: يا رسول الله هو أعمى لا يبصر قال:

أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟»، واستدل به من قال بحرمة نظر المرأة إلى شئ من الرجل الأجنبي مطلقا، ولا يبعد القول بحرمة نظر المرأة المرأة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة، إذا كان بشهوة، ولا تستبعد وقوع هذا النظر، فإنه كثير ممن يستعملن

<<  <  ج: ص:  >  >>