للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل من الدرسين مصدر بكلمة أَلَمْ تَرَ.

(١)

أَلَمْ تَرَ أي ألم تعلم علما يقوم مقام العيان في الإيقان أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي من الملائكة والأناسي والجان والحيوان والنبات والجماد وَالطَّيْرُ

صَافَّاتٍ

يصففن أجنحتهن في الهواء، فهذه الطيور الصافات أجنحتها تسبح ربها، وتعبده بتسبيح ألهمها وأرشدها إليه، وهو يعلم ما هي فاعلة كُلٌّ قَدْ عَلِمَ الضمير في (علم) لله، أو للمراد بكلمة (كل) صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ أي كل قد أرشده إلى طريقته ومسلكه في عبادة الله عزّ وجل وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ فلا يعزب عنه شئ

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لأنه خالقهما، ومن ملك شيئا فبتمليك الله إياه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ فمرجع الكل يوم القيامة إليه؛ فيحكم بالجميع بما يشاء.

[كلمة في السياق]

إن كل شئ يسبح بحمد الله، والإنسان يدرك نوع إدراك كيف أن الأشياء كلها تسبح بحمد الله، فهي شاهدة على تنزيهه، وشاهدة على إنعامه، وإذا كان كل شئ يسبح بحمد الله فهو إذن مهتد، وهذا هو المعنى الأول الذي يربط هاتين الآيتين بما قبلهما، وإذا كان كل شئ يسبح بحمده فهو خاضع وعابد، فعلى الإنسان أن يخضع ويعبد، وذلك يكون بدخوله بالإسلام، فالصلة بين هذا المعنى ومحور السورة قائمة، وكما ذكرنا الله عزّ وجل في نهاية الآية الأولى بعلمه وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فههنا ذكرنا بعلمه وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ فالله يعلم تسبيح الأشياء، كما يعلم تسبيح الإنسان وعبادته، وفي هذا دعوة إلى عبادة الله وحده، لأنه يعلم، وغيره لا يعلم. وفي قوله وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ دعوة للدخول في الإسلام، لأنه المالك، وفي قوله وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ تهديد ووعيد لمن رفض الدخول الاختياري بالإسلام، ومن خلال لفت نظر الإنسان في الآيتين عرفنا أن هداية الله شاملة للمخلوقات كلها، وأن الإسلام دين المخلوقات كلها، ومن ذلك نعلم محل الآيتين ضمن السياق الخاص للسورة، بما يخدم محور السورة، والآن يأتي لفت النظر الثاني:

<<  <  ج: ص:  >  >>