للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وخصوماتكم» يعني التحاكم والحكم فيه. ولهذا نص كثير من العلماء على أن الحاكم لا ينتصب لفصل الأقضية في المسجد، بل يكون في موضع غيره، لما فيه من كثرة الحكومات والتشاجر والألفاظ التي لا تناسبه، ولهذا قال بعده: «ورفع أصواتكم».

روى البخاري عن السائب بن يزيد الكندي قال: كنت قائما في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فائتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. وقال النسائي ...

عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: سمع عمر صوت رجل في المسجد فقال:

أتدري أين أنت؟ وهذا أيضا صحيح. وقوله: «وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم» تقدما وقوله «واتخذوا على أبوابها المطاهر» يعني المراحيض التي يستعان بها على الوضوء، وقضاء الحاجة. وقد كانت قريبا من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم آبار يستقون منها، فيشربون ويتطهرون ويتوضئون وغير ذلك. وقوله: «وجمروها في الجمع» يعني بخروها في أيام الجمع لكثرة اجتماع الناس يومئذ. وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي: ... عن ابن عمر أن عمر كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة.

إسناده حسن لا بأس به والله أعلم. وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«صلاة الرجل في الجماعة يضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا». وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة. وعند الدارقطني مرفوعا «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» وفي السنن «بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة» ويستحب لمن دخل المسجد أن يبدأ برجله اليمنى، وأن يقول كما ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد يقول: «أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم» قال: فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم. وروى مسلم بسنده عن أبي حميد- أو أبي أسيد- قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك.

وإذا خرج فليقل: اللهم افتح لي أبواب فضلك». ورواه النسائي عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دخل أحدكم

<<  <  ج: ص:  >  >>