للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذلك كفر، والآية في شطرها الأخير تشير إلى هذا النوع من الكفر. قال عكرمة:

يعني الذين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا، وهذا الذي قاله عكرمة ورد في الحديث المخرج في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوما على إثر سماء أصابتهم من الليل «أتدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا الله ورسوله أعلم، قال: «قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي مؤمن بالكواكب».

١٠ - قلنا في أكثر من مكان في هذا التفسير إن الحادثة الواحدة قد يكون لها سبب حسي وسبب غيبي، وإن كل الأسباب الحسية والغيبية إنما هي بعلم الله وإرادته

وقدرته، ومن ذلك موضوع المطر، فهناك أسباب حسية له، هي ما نراه من مجموعة العوامل المؤثرة فيه، وهناك سبب غيبي له علاقة بعالم الملائكة والكل بأمر الله، وابن كثير ينقل في هذا المقام حديثا مرسلا أخرجه ابن أبي حاتم حول صلة الملائكة بموضوع المطر. قال: وقال عمر مولى عقبة: كان جبريل عليه السلام في موضع الجنائز فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل إني أحب أن أعلم أمر السحاب» قال: فقال له جبريل: يا نبي الله هذا ملك السحاب فسله، فقال: تأتينا صكاك مختمة: اسق بلاد كذا وكذا:

كذا قطرة، وكذا وكذا: كذا قطرة» رواه ابن أبي حاتم وهو حديث مرسل.

١١ - بمناسبة قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ قال ابن كثير: وقد اتفق العلماء رحمهم الله على أن هذه السجدة التي في الفرقان مشروع السجود عندها لقارئها ومستمعها، كما هو مقرر في موضعه. أقول: من الملاحظ أن سورة مريم وسورة الفرقان كلتاهما فيها سجدة. والملاحظ بحسب اجتهادنا أن كلا من السورتين كان محورها الآية: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ

١٢ - وبمناسبة قوله تعالى: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً قال ابن كثير: (وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء، فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له. وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع، حتى روي عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا فقال ما بالك أأنت مريض؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فعلاه بالدرة وأمره أن يمشي بقوة، وإنما المراد بالهون هنا السكينة والوقار، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها

<<  <  ج: ص:  >  >>