للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت في ذلك الآية، ولكنا لا نجد في قصة إبراهيم عليه السلام مثل هذا، وإنما نجد إقامة حجة من قبل إبراهيم وعرض للعقيدة الإبراهيمية. والعبودية الإبراهيمية، والمعرفة الإبراهيمية لله عزّ وجل، والافتقار الإبراهيمي لله. وانتصار من كان على هذه العقيدة في الآخرة. واندحار وذل وخزي وعذاب من كان على العقيدة الآزرية

في الآخرة. وفي ذلك آية ومعجزة. إن في وجود إبراهيم وفي صفاء عقيدته وفي صفاء توجهاته وفي مجموع حججه التي تدحض الباطل إن في ذلك كله آية، وإن في ذكر ذلك المشهد الرائع من مشاهد يوم القيامة والمرتبط بقصة إبراهيم لآية تشهد على الحق، فلنتذكر الآية التي هي محور سورة الشعراء:

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فقد تلا الله علينا في قصة إبراهيم آية من آيات الله هي حق خالص، وقد عرضت لنا هذه الآية بعض خصائص دعوة المرسلين. وبعض أخلاقهم. ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس إلا واحدا منهم في دعوته وأخلاقه. إن مثل هذا الشبه الكامل بين محمد صلى الله عليه وسلم وبين الرسل السابقين مع ظهور الآيات معه دليل أي دليل على صدق نبوته ورسالته، وإن مثل هذا التشابه والتكامل في دعوات المرسلين- كما عرضها القرآن- ليدلك وحده على إعجاز هذا القرآن الذي لا يناقض شئ فيه شيئا آخر. فالقصة والتشريع والواقعة والحادثة والعظة كلها تخرج من مشكاة واحدة، وتؤدي هدفا واحدا، وهذا دليل على أن هذا القرآن من عند الله، لأن هذا غير مستطاع للبشر على مثل هذا الكمال. وبعد قصة إبراهيم تأتي الآن قصة نوح عليه السلام وهي المجموعة الرابعة، لتؤدي دورها في سياق هذه السورة. وقبل أن نذكر المجموعة الرابعة نحب أن نذكر أن آية المحور آتية في السياق البعيد للأمر ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً فليست دعوة إبراهيم ودعواته إلا دخولا في السلم كافة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>