للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفرعون، وفي نبأ إبراهيم: وفيما فعل بقوم نوح، وفيما فعل بقوم هود، وفيما فعله بقوم صالح، وفيما فعله بقوم لوط، وفيما فعله بقوم شعيب، وكل آية تختلف عن أختها، وكلها تصب في التأكيد على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وكلها تحذر المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكلها تأتي تردف بعضها بعضا لتوصل إلى الخاتمة التي هي المواجهة المباشرة للمكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم، ونحب هنا أن نسجل ملاحظة هي: إن كثيرا من آيات القرآن تنتهي بقوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً .. * إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ* وهذا يشير إلى أن القرآن لفت النظر في كتابه إلى آيات أخرى زائدة على الإعجاز القرآني. ففي القرآن كله إعجاز يجعل أقصر سورة أو قدرها من القرآن معجزة. لكن آيات القرآن نفسها لفتت النظر إلى آيات أخرى لله في الكون وفي التاريخ، وفي الواقع اليومي للمسلمين، فآيات القرآن تلفت النظر إلى كل علامة تدل على الله، وتدل على صدق رسله، هذا عدا عن معجزات كثيرة مبثوثة في القرآن، كأن يعرض عليك الله أحيانا سرا من أسرار الكون، أو سرا من أسرار الغيب. وهكذا نجد الآية الواحدة من القرآن قد حوت آيات، وهذه الآيات تتعاضد وتتكاثر في هذا القرآن، إن في الأسلوب، أو في اللفظ، أو في المعاني، أو في الأفق الذي تتحدث عنه الآيات، أو في الأفق الذي ترفع إليه الإنسان، هذا عدا عن كون هذا القرآن لا تجد فيه مظهرا من مظاهر الإسفاف، لا في المعنى، ولا في اللفظ، كما أنك لا تجد فيه مظهرا من مظاهر الضعف البشري إن في الأسلوب، أو في العرض، أو في تسجيل معان ضعيفة، أو في إثارة معنى شهواني، أو في الاستفادة من غريزة بشرية نازلة، هذا مع كونه حقا، ومع كونه هو الأعلى في اللفظ والأسلوب، والعرض وطرق الانتقال، ودقائق الوحدة في السورة والسياق، إن كتابا هذا بعض وصفه ليدل دلالة واضحة على أنه من عند الله، وليشهد شهادة كاملة على أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>