للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس لذم الشعر أيا كان، أو لذم الشعراء أيا كانوا، فقد استثنت الآيات من الشعراء المذمومين من صاغهم هذا القرآن، وهذا الإسلام، وذلك لا يخرق الحجة السابقة؛ لأن هؤلاء لولا القرآن والإسلام ما كانوا كذلك

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، وشعراء الإسلام في كل العصور وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً فتراهم مسبحين، مهللين، مكبرين، حامدين، قارئين للقرآن وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا أي هم يستعملون شعرهم في رد ظلم من يظلم الإسلام وأهله وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا بمحاربة الإسلام وأهله أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ إذا ماتوا، فإنه المنقلب الصعب.

[كلمة في السياق]

نلاحظ أن خاتمة السورة انصبت على إقامة الحجة على أن هذا القرآن من عند الله، وعلى أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلة بين الخاتمة ومقدمة السورة واضحة:

طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ* إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ* وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ* فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ* وهكذا نجد السورة ترتبط خاتمتها بمقدمتها، وترتبط مجموعاتها كلها برباط واحد، وسياق واحد وكل ذلك تفصيل للمحور تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وقد تحدثنا عن ذلك كرة بعد كرة.

[نقل]

قال صاحب الظلال في الآيات الأخيرة: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ؟ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ ...

(وكان في العرب كهان يزعمون أن الجن تنقل إليهم الأخبار، وكان الناس يلجئون إليهم ويركنون إلى نبوءاتهم. وأكثرهم كاذبون. والتصديق بهم جري وراء الأوهام والأكاذيب. وهم على أية حال لا يدعون إلى هدى، ولا يأمرون بتقوى، ولا يقودون إلى إيمان. وما هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو الناس بهذا القرآن إلى منهج قويم.

ولقد كانوا يقولون عن القرآن أحيانا: إنه شعر، ويقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه شاعر. وهم في حيرتهم كيف يواجهون هذا القول الذي لا يعرفون له نظيرا، والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>