للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَثِيمٍ* يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ* وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ* أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ* وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ.

٧ - بمناسبة قوله تعالى عن الشعراء أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ قال ابن كثير: (فإن الشعراء يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم، ولا عنهم فيتكثرون بما ليس لهم. ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا اعترف الشاعر في شعره بما يوجب حدا هل يقام عليه بهذا الاعتراف أم لا؟ لأنهم يقولون ما لا

يفعلون؟ على قولين. وقد ذكر محمد بن إسحاق، ومحمد بن سعد في الطبقات، والزبير بن بكار في كتاب الفكاهة: أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل النعمان بن عدي بن نضلة على ميسان من أرض البصرة وكان يقول الشعر.

فقال:

ألا هل أتى الحسناء أن خليلها ... بميسان يسقى في زجاج وحنتم

إذا شئت غنتني دهاقين قرية ... ورقاصة تحنو على كل مبسم

فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتثلم

لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا بالجوسق المتهدم

فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أي والله إنه ليسوؤني ذلك، ومن لقيه فليخبره أني قد عزلته، وكتب إليه عمر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ أما بعد فقد بلغني قولك:

لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا بالجوسق المتهدم

وايم الله إنه ليسوؤني، وقد عزلتك. فلما قدم على عمر بكته بهذا الشعر، فقال:

والله يا أمير المؤمنين ما شربتها قط، وما ذاك الشعر إلا شئ طفح على لساني. فقال عمر: أظن ذلك، ولكن والله لا تعمل لي عملا أبدا وقد قلت ما قلت. فلم يذكر أنه حده على الشراب، وقد ضمنه شعره، لأنهم يقولون ما لا يفعلون، ولكن ذمه عمر رضي الله ولامه على ذلك وعزله به. ولهذا جاء في الحديث «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير له من أن يمتلئ شعرا».

قال الألوسي: (وما أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>