للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها» الحديث بتمامه. وقد ثبت في الصحاح والحسان والمسانيد من طرق جماعة تفيد القطع، كما هو مبين في موضعه من كتاب الأحكام ولله الحمد والمنة)

(عضد الشئ: أي قطعه بالمعضد وهو السكين الكبير) (اختلى العشب- جزّه) (الخلى: الواحدة خلاة، وجمعها أخلاء وهو العشب)

٦ - في قوله تعالى وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ...

اتجاهان: اتجاه يقول: إن هذه الآية تتحدث عن شئ سيكون يوم القيامة، واتجاه يقول: إن الآية تتحدث عن ما هو كائن، وعلى هذا الرأى ففي الآية تصريح بدوران الأرض، ويشهد لهذا القول مجيء كلمة الإتقان في الآية صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ثم إن الجبال يوم القيامة تسير لتنسف وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً.

٧ - بمناسبة قوله تعالى: وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ قال ابن كثير: روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله، فإن الله لو كان غافلا شيئا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة». وروى أيضا عن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان الله مغفلا شيئا لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم، وقد ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كان ينشد هذين البيتين إما له أو لغيره:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب

[كلمة في سورة النمل]

ذكرنا أن سورة النمل تتألف من مقطعين، كل منهما يرتبط بالآخر بأوثق رباط، وذكرنا أن محور سورة النمل هو قوله تعالى في سورة البقرة: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الآتية في حيز قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وعلى ضوء ذلك فلنلق نظرة شاملة:

<<  <  ج: ص:  >  >>